الخبــــر
عرفنا أن الجملة الاسمية تتكون من جزأين لتعطي دلالة تمكن السامع من القبول
المنطقي بها ، وقد سمى النحاة الجزء الأول من هذه الجملة المبتدأ ، لأنه هو الجزء
الذي يبدأ به المتكلم الجملة المطروحة ، ويسمى الجزء الثاني الخبر ، لأنه يخبر عن
حال المبتدأ ، وبه تتم الفائدة .
وغالبا ما يكون الخبر اسما ، وهذا الاسم ينبغي أن يكون صفة مشتقة ، والصفات
المشتقة هي " اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، واسم التفضيل
" نحو : محمد فاضل ، وعلي محبوب .
17 ـ ومنه : ( الله مولاكم )1 .
وأنت حسن
الوجه ، وأحمد أكرم من أخيه .
أحكام الخبر :
للخبر أحكام تدل عليه ، وقد جمعها النحويون في سبعة أحكام نذكرها على النحو التالي
:
1 ـ يجب فيه الرفع . والعامل في الخبر الرفع هو المبتدأ
، وليس الابتداء ، ولا بالمبتدأ والابتداء ، ولا بتبادل العمل بين المبتدأ والخبر كما يذكر الكوفيون .
نحو : أنت
كريم . فكريم خبر مرفوع وعامل الرفع فيه هو المبتدأ فقط .
ومنه : ( والصلح خير )1 .
و : ( وأنت
على كل شيء شهيد )2 .
ومنه قول
الفرزدق :
هو المُبتنِي بالسيف والمال ما غلا إذا قام في يوم الحَبان نخيلها
2 ـ الأصل فيه أن يكون نكرة مشتقة كما ذكرنا سابقا .
نحو : محمد
فاضل .
ومنه ( والله على كل شيء قدير )3 .
ومنه قول
الفرزدق :
جبلي أعز إذا الحروب تكشفت مما بنى لك والداك وأفضل
وقوله أيضا
:
الضاربون إذا الكتيبة أحجمت والنازلون غداة كل
نزال
وقد يأتي الخبر جامدا غير مؤول بالمشتق . نحو : هذه شجرة
.
وهذا كرسي
. وذاك حجر .
والخبر الجامد لا يرفع الضمير المستتر لأنه فارغ منه ، ولا الضمير البارز ، ولا الاسم
الظاهر الواقع بعده ، وكذلك الخبر الذي لم يكن وصفا مشتقا كما
أوضحنا سابقا
، أو كان مشتقا وغير وصف كأسماء الزمان ، أو المكان .
نحو :
السفر مطلع الفجر . مكة مهبط الوحي .
ومنه قول
الشاعر بلا نسبة :
ترتع ما رتعتْ حتى إذا ادَّكرتْ فإنما هي
إقبال وإدبار
فالشاهد قوله
" إقبال ، وإدبار ، وهما كلمتان مشتقتان وقع كل منهما خبرا ، غير
أنهما ليسا
من الصفات المشتقة التي تعمل عمل فعلها ، وإنما هما اسما مكان لذلك لم يعملا في
الضمير المستتر فيهما .
وقد يأتي جامدا مؤولا بالمشتق .
نحو :
القائد أسد . أي شجاع .
ومحمد فلسطيني
. أي منتسب إلى فلسطين .
3 ـ أن يكون مطابقا للمبتدأ في إفراده وتثنيته وجمعه .
نحو :
الطالب متفوق . الطالبان متفوقان . الطلاب متفوقون .
: ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) 1 .
ومنه : ( أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ) 2 .
وتذكيره وتأنيثه .
ونحو :
الولد مؤدب . والفتاة مؤدبة .
ومنه : ( تلك الجنة أزلفت للمتقين )3 .
4 ـ جواز حذفه إن دل عليه دليل ، وسنذكر ذلك بالتفصيل في
موضعه .
5 ـ وجوب حذفه ، وسنذكره في موضعه أيضا .
6 ـ جواز تعدده ، والمبتدأ واحد .
نحو : محمد
ذكي فطن .
ونحو :
أحمد شاعر خطيب كاتب .
: ( هو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما
يريد )4.
و : ( كلا
إنها لظى نزاعة للشوى ) 5 .
و : (
والله عزيز ذو انتقام )6 .
و : ( هو
الله الخالق البارئ المصور )1 .
وصاحبي وردة نهد مراكلها جرداء لا فَحَج فيها ولا
صكك
7 ـ الأصل فيه التقديم على المبتدأ ، ولكن قد يتقدم عليه
جوازا ، أو وجوبا ،.
أنواع الخبر :
ينقسم الخبر إلى ثلاثة أنواع هي :
أولا ـ الخبر المفرد . وهو ما ليس جملة ولا شبه جملة ،
وإنما يكون كلمة واحدة سواء دلت على واحد ، أو اثنان ، أو جمع . بمعنى أن يكون الخبر مطابقا للمبتدأ في
التذكير والتأنيث ، والإفراد والتثنية والجمع ، كما بينا سابقا في أحكام الخبر .
نحو :
القمر منير . والطالبة مؤدبة .
فيلاحظ من
المثال الأول أن المبتدأ مفرد مذكر ، وكذلك الخبر جاء مفردا مذكرا أيضا . نحو : ( كل شيء هالك ) 2 .
وهم ربيع للمجاور فيهم والمرملات إذا تطاول عامها
وهم :
مبتدأ مفرد مذكر . وربيع : خبر مفرد مذكر .
وفي المثال
الثاني جاء كلاهما مفردا مؤنثا .
: ( تلك آيات القرآن ) .
( والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ) .
ونحو :
محمد قادم . واللاعبان ماهران . والمعلمون مخلصون .
ــــــــــــ
ونلاحظ التطابق
بين المبتدأ والخبر من حيث الإفراد كما في المثال الأول ، والتثنية كما في المثال
الثاني ، والجمع كما في المثال الثالث .
نحو : ( ولله المشرق والمغرب ) 1 .
و : ( وهذا
ذكر مبارك ) 2 .
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاشٌ كرأس الحية المتوقد
أنا الرجل
: مبتدأ وخبر مفرد .
ومع المثنى
: ( هذان خصمان ) 3 .
هما جبلا الله اللذان ذراهما مع النجم في أعلى السماء المُحَلِّق
ومثال الجمع
: ( وأولئك هم المفلحون ) 4 .
هم الأكرمون الأكثرون ولم يزل لهم مُنكِرُ النكراءِ
للحق عارف
ويجب في الخبر المفرد المشتق أن يتحمل ضميرا مستترا وجوبا يعود على المبتدأ ليربط بينهما
ارتباطا معنويا .
نحو :
الشمس محجوبة ، والجو بارد ، والسماء ملبدة بالغيوم .
نجد أن كلا
من الأخبار السابقة وهي : محجوبة ، وبارد ، وملبدة ، جاءت أخبارا مفردة ، وهي
أوصاف مشتقة ، وكل منها اشتمل على ضمير مستتر يعود على المبتدأ ليربطه بالخبر ربطا
معنويا إذ التقدير فيها : محجوبة هي ، وبارد هو ، وملبدة هي
كما يعمل الخبر المشتق في
الضمير البارز ، أو الاسم الظاهر بعده .
نحو : محمد
مسافر هو إلى القاهرة .
ونحو :
الوردة عطرة رائحتها . ووالدي رحيم قلبه .
فنجد أن
الأخبار السابقة وهي على التوالي : مسافر ، وعطرة ، ورحيم ، بعضها رفع ضميرا بارزا
كما في مسافر ، وبعضها رفع اسما ظاهرا كما في عطرة ، ورحيم .
ويرى النحاة أن الخبر المشتق إذا جرى على غير ما هو له ، وأمن اللبس جاز استتارة الضمير
فيه كما يجوز إظهاره ، وهذا ما عبروا عنه بقولهم : الخبر الجاري على غير صاحبه .
الشاب الشيخ
مساعده هو .
ونحو :
الطفل الأم مرضعته هي .
فالشاب مبتدأ أول ، والشيخ مبتدأ ثان ، ومساعد خبر المبتدأ الثاني ، مع أن معنى
هذا الخبر وهو المساعدة واقع على المبتدأ الأول ، لأن الشاب هو المساعد ، أي
المنسوب له المساعد دون المبتدأ الثاني .
وإن لم يؤمن اللبس وجب إبراز الضمير ، وهو ما عبروا عنه بقولهم : إذا كان
الوصف الواقع خبرا يصلح أن يكون جاريا على من هو له ، وعلى غير من هو له ، فيقع
اللبس في المراد ، مع عدم توافر القرينة الدالة على أحدهما ، أي على المبتدأ الأول
، أو على المبتدأ الثاني ، وجب إبراز الضمير .
نحو :
المعلم الطالب مكرمه .
فالمعلم مبتدأ أول ، والطالب مبتدأ ثان ، ومكرم خبر المبتدأ الثاني ، وفيه ضمير مستتر
جوازا تقديره : هو ، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول .
فإذا أردنا أن نحكم على الطالب بأنه مكرم المعلم ، فسيكون الخبر جاريا على من هو
له ، وإذا أردنا الحكم على أن المعلم هو المكرم للطالب فسيكون الخبر جاريا على غير
من هو له .
ولكوننا لم نستطع الحكم على أي المبتدأين يعود الخبر لعدم وجود القرينة الدالة على
أحدهما ، وهذا ما يعرف بحالة اللبس ، وجب استثارة الضمير ، ليكون عدم ظهوره دليلا عودة
الخبر المفرد على من هو له ، وهو المبتدأ الثاني ، أي أن يكون مكرم عائدا على الطالب
.
أما إذا عاد الخبر المفرد على المبتدأ الأول ، أي على المعلم ، وهو جريانه على غير
من هو له وجب إبراز الضمير فنقول : المعلم الطالب مكرمه هو .
فالضمير
" هو " عائد على المعلم . لوجود اللبس ، وكذلك الحال إذا أمن اللبس .
نحو : طفل
فاطمة مرضعته هي .
غير أن
الكوفيين يجيزون الأمرين ، أي : إظهار الضمير وإخفائه إن أمن اللبس ،
نحو :
المعلم عائشة مكرمها هو . بإبراز الضمير " هو " .
أو : المعلم
عائشة مكرمها . بدون إظهار الضمير " هو " .
ويوجبون إظهاره
عند اللبس فقط .
نحو :
المعلم الطالب مكرمه هو .
وعند عدم
اللبس لا يبرزونه
قومي ذرا المجد بانوها وقد علمت بكنه ذلك عدنان
وقحطان
الشاهد فيه
قوله " قومي ذرا المجد بانوها " حيث جاء بخبر المبتدأ مشتقا وهو قوله :
" بانوها " ولم يبرز الضمير ، مع أن الخبر المشتق غير جار على من هو له
في المعنى ، ولو أراد إبراز الضمير لقال : بانوها هم .
وعدم إبراز
الضمير هنا عائد لعدم وجود اللبس .
ثانيا ـ الخبر الجملة :
يأتي خبر المبتدأ جملة ، إما اسمية ، وإما فعليه .
1 ـ الاسمية نحو : الثوب لونه ناصع ، والحديقة أشجارها
خضراء .
فالثوب مبتدأ
أول ، ولون مبتدأ ثان ، وهو مضاف ، والضمير المتصل به في محل جر مضاف إليه ، وناصع
خبر المبتدأ الثاني ، والجملة من المبتدأ الثاني ، وخبره في محل رفع خبر المبتدأ
الأول ، والرابط الضمير المتصل بالمبتدأ الثاني ، أي الضمير المتصل
بكلمة " لونه " ، وهو ضمير بارز .
20 ـ ومنه : ( أولئك مأواهم جهنم )1 .
و : (
وألوا الأرحام بعضهم أولى ببعض )2 .
8
عيناك دمعهما سَروب كأن شأنيهما شَعِيب
عيناك :
مبتدأ أول مرفوع بالألف ، دمعهما : مبتدأ ثان ، والضمير المتصل به في محل جر مضاف إليه
، وهو الرابط . سروب : خبر المبتدأ الثاني ، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في
محل رفع خبر المبتدأ الأول .
وجار البيت والرجل المنادي أمام الحي عَقدُهُما سواءُ
2 ـ الفعلية نحو : العمل الطيب يرفع قدر صاحبه .
والأطفال يلعبون
في الحديقة .
العمل مبتدأ ، والطيب صفة ، ويرفع فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو
، وقدر مفعول به ، وصاحبه مضاف إليه ، وصاحب مضاف والضمير المتصل بصاحبه في محل جر
مضاف إليه ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ ، والرابط الضمير المستتر هو
.
21 ـ ومنه : ( أولئك ينالهم نصيب من الكتاب )1 .
و : ( الله
يبسط الرزق لمن يشاء )2 .
قول:
إن يفزعوا تُلق المغافر عندهم
والسن يلمع كالكواكب لامها
والسن :
الواو للحال ، والسن مبتدأ . ويلمع فعل مضارع والجملة الفعلية في محل رفع خبر .
والخيل تقتحم الغبار عوابسا من بين شيظمة وأجرد شيظم
الخيل :
مبتدأ . تقتحم : فعل مضارع والجملة الفعلية في محل رفع خبر .
الرابط في
الجملة الواقعة خبرا :
ولا بد في الجملة الواقعة خبرا أن تشتمل على رابط يربط بينها وبين المبتدأ الأول حتى
يستساغ التعبير ، ولا يكون الكلام مفككا ، ويكون الرابط واحدا مما يأتي :
1 ـ الضمير :
وهو إما
بارز كما في أمثلة الجملة الاسمية ، أو مستتر كما في أمثلة الجملة الفعلية التي سبق
ذكرها ، وقد يكون مقدرا .
نحو :
التمر الكيلة بدينار . والقمح الكيس بخمسين ريالا .
22 ـ ومنه ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن
الجنة هي المأوى )1 .
والتقدير :
هي مأواه .
التمر مبتدأ
، والكيلة مبتدأ ثان ، وبدينار جار ومجرور في محل رفع خبر المبتدأ الثاني ، وجملة
المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول ، والرابط هو الضمير المحذوف ،
وتقديره : التمر الكيلة منه بدينار .
2 ـ قد يكون الرابط اسم إشارة .
نحو : عملك
هذا مشرّف .
عملك مبتدأ
أول ، ومضاف إليه ، هذا مبتدأ ثان ، ومشرف خبر المبتدأ الثاني ، والجملة الاسمية
في محل رفع خبر المبتدأ الأول ، والرابط اسم الإشارة .
ومنه : ( ولباس التقوى ذلك خير )2 . في قراءة الرفع
للباس .
و : (
والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار )3 .
3 ـ وقد يكون بإعادة المبتدأ بلفظه ومعناه بقصد التفخيم
، أو التهويل ، أو التحقير . نحو : الأمانة ما الأمانة . والإخلاص ما الإخلاص .
23ـ وبغرض
التفخيم : ( فأصحاب الميمنة ما أصحاب
الميمنة ) 4 . ومنه بغرض التهويل : (
القارعة ما القارعة
و : (
الحاقة ما الحاقة ) .
ونحو :
الكاذب من الكاذب .
ومنه بغرض
التحقير : ( وأصحاب المشأمة ما أصحاب
المشأمة ) 2 .
وقد تكون
الإعادة بالمعنى فقط .
نحو :
السيف ما المهند . والأسد ما الغضنفر .
4 ـ أو بإعادة المبتدأ بلفظ أعم منه .
نحو :
الأمانة نعم العمل . والخيانة بئس الرذيلة .
فالعمل يعم
الأمانة وغيرها ، فالأمانة داخلة في عموم العمل ، والعموم واضح من " أل
" الدالة على الجنس .
ومنه قول
ابن ميادة :
ألا ليت شعري هل إلى أم جحدر سبيل ؟ فأما الصبر
عنها فلا صبر
الشاهد فيه
قوله : " فأما الصبر فلا صبر " فالرابط بين جملة الخبر والمبتدأ قد يكون
عموم الخبر بحيث يصدق على المبتدأ وغيره .
5 ـ أن يقع بعد جملة الخبر الخالية من الرابط جملة أخرى
معطوفة عليها
بالواو ،
أو بالفاء ، أو بثم ، مع اشتمال الجملة المعطوفة على ضمير يعود على المبتدأ الأول ،
فيكتفى في الجملتين بالضمير الرابط الذي في الجملة الثانية .
فمثال الجملة
المعطوفة بالواو : الأولاد بدأت الدراسة واستعدوا لها .
ونحو :
العمال بدأ العمل وأنجزوه .
ومثال المعطوفة
بالفاء : الطالب تهيأت أسباب الدراسة فأقبل بكل حماس .
ومثال المعطوفة
بثم : الحفل بدأت التلاوة ثم توالت فقراته .
6 ـ أن يقع بعد الجملة الواقعة خبرا ، والخالية من
الرابط أداة شرط حذف جوابه لدلالة الخبر عليه ، وبقي فعل الشرط مشتملا على ضمير يعود على المبتدأ .
نحو :
المدير يقف الطلاب إن حضر .
ونحو :
المدرب يتهيأ اللاعبون متى يصل .
فإن كانت الجملة الواقعة خبرا هي نفس المبتدأ في المعنى فلا تحتاج إلى رابط ،
لأنها ليست أجنبية عنه كي تحتاج إلى ما يربطها به .
نحو : هم
رجال مجاهدون . ونحو : نطقي الله حسبي .
هم : ضمير
الشأن في محل رفع مبتدأ أول ، ورجال مبتدأ ثان ، ومجاهدون خبر المبتدأ الثاني ،
والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول ، ولا حاجة إلى رابط
، لأن الجملة المنطوق بها هي عين المبتدأ الأول .
ومنه : ( قل هو الله أحد )1 .
24 ـ و : (
فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا )2 .
وبالإضافة إلى توافر شرط الرابط
في الجملة الواقعة خبرا ، أجمع النحاة على توافر شرطين آخرين هما :
1 ـ ألاّ تكون الجملة ندائية . فلا يجوز أن نقول : خالد
يا أكرم الناس .
على أن
تكون جملة يا أكرم الناس خبرا عن خالد .
2 ـ ألاّ تكون الجملة الواقعة خبرا مبدوءة بأحد الأحرف
التالية :
لكن ، وبل
، وحتى .
وأضاف تعلب
شرطا رابعا ، هو : ألاّ تكون الجملة الخبرية جملة قسمية .
وأضاف ابن
الأنباري شرطا خامسا ، هو : ألاّ تكون إنشائة .
والمجمع عليه
عند جمهور النحويين صحة وقوع القسمية خبرا عن المبتدأ .
نحو : علي
والله إن زرته ليكرمنك .
كما أن
الصحيح عندهم أيضا جواز وقوع الإنشائية خبرا للمبتدأ .
نحو : محمد
أكرمه . واللص احبسه .
ثالثا ـ الخبر شبه الجملة :
هو ما ليس بمفرد ولا جملة . وإنما هو جار ومجرور أو ظرف بنوعيه .
1 ـ الخبر الجار والمجرور .
نحو :
الكتاب في الحقيبة ، والعلم في الصدور ، والماء في الإبريق .
25 ـ ومنه : (الحمد لله رب العالمين )1 .
و : ( ولله
المشرق والمغرب )2 .
و : ( ذلك
الفضل من الله )3 .
عهدي به مَدَّ النهار كأنما خُضب البَنان ورأسه بالعِظْلِم
عهدي :
مبتدأ . به : جار ومجرور في محل رفع خبر .
2 ـ الخبر الظرف وينقسم إلى نوعين :
خبر طرف
المكان . نحو : الجنة تحت أقدام الأمهات .
والطائر فوق
الغصن . والقائد بين جنوده .
26 ـ ومنه : ( وعنده مفاتح الغيب )4 .
ومنه : ( والله عنده حسن التواب )5 .
واهية أو معين ممعن من هضبة دونها لُهُوب
دونها :
ظرف مكان متعلق بمحذوف في محل رفع خبر مقدم ، والضمير المتصل به في محل جر مضاف إليه
. لهوب : مبتدأ مؤخر .
ومع الجون جونِ آل بني الأو سِ عنودٌ كأنها دفواء
مع الجون :
مع ظرف مكان متعلق بمحذوف في محل رفع خبر مقدم ، والجون مضاف إليه . عنود : مبتدأ
مؤخر .
وخلفها سائق يحدو إذا خشيت منه اللحاق تمُدُّ
الصُّلبَ والعنقا
وخبر ظرف
زمان . نحو : الرحلة يومَ الخميس .
والصيام غدا
. والسفر بعد أسبوع .
ويوماك يومٌ ما تُوازى نُجوُمُهُ كريهٌ ويوم ماطر من عطائكا
ويوماك :
مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى ، ويوم خبر مرفوع بالضمة .
ويخبر بظرف المكان عن أسماء المعاني ، وأسماء الذوات ، أي عن الأسماء المحسوسة . مثال
النوع الأول : الصدق فوق كل اعتبار .
والأمانة فضيلة .
ومثال النوع الثاني : الطائر فوق الشجرة .
ونحو :
الجنة تحت ظلال السيوف .
27 ـ ومنه : ( الركب أسفل منكم )1 .
و : ( ومن
عنده علم الكتاب ) 2 .
قول :
بَجِيلةُ عند الشمس أو هي فوقها وإذ هي كالشمس المضيئة
يُطرِقُ
بجيلة :
اسم قبيلة ، مبتدأ مرفوع بالضمة بدون تنوين لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ،
عند الشمس : ظرف مكان متعلق بمحذوف في محل رفع خبر ، وهو مضاف ، والشمس مضاف غليه
.
أما ظرف
الزمان فلا يخبر به إلا عن أسماء المعاني .
نحو :
العطلة يومَ الجمعة . والسفر بعدَ أسبوع .
وإذا حصلت الفائدة بالإخبار بها عن أسماء الذوات فيجوز ذلك .
نحو :
الليلةَ الهلال . واليومَ أمر . وغدا خمر .
ويشترط في الخبر شبه الجملة جارا ومجرورا ، أو ظرفا
بنوعيه أن يكون تاما بمعنى أن يحصل بالإخبار به فائدة بمجرد ذكره ، ويكمل به المعنى المطلوب مع غير
إخفاء ولا لبس كما في جميع الأمثلة السابقة .
ولا يصلح
للخبر شبه الجملة ما كان ناقصا .
نحو :
الرجل غدا . ومحمدا الليلة . وأحمد بك ، أو لك ، وما شابه ذلك ، لنه لم تتم به الفائدة
التي يحسن السكوت عليها كما جاء في تعريف حد الخبر .
وجوب تقديم الخبر :
يجب تقديم الخبر على المبتدأ في المواضع التالية :
1 ـ إذا كان المبتدأ نكرة محضة غير مفيدة وأخبر عنها
بالجار والمجرور ، أو الظرف . نحو : في المدرسة معلمون .
ونحو :
عندنا ضيف . ويوم الخميس رحلة .
28 ـ ومنه : ( وعلى أبصارهم غشاوة ) 1 .
و : ( ولكم
في القصاص حياة ) 2 .
و : ( لهم
في الدنيا خزي ) 1 .
وفي الناس إن رثت حبالك واصل وفي الأرض عن دار القلى متحول
: ( ولدينا مزيد ) 2 .
و : ( وفوق
كل ذي علم عليم ) 3 .
و : (
بينهما برزخ ) 4 .
عندي اصطبار وشكوى عند فاتنتي فهل بأعجب من هذا امرؤ سمعا
والعلة في
وجوب تقديم الخبر في هذا الموضع لأن تأخيره يوهم أنه صفة ، وأن الخبر منتظر .
وإن كانت النكرة مفيدة جاز التقديم والتأخير .
نحو : صديق
قديم عندنا . فعندما وصفت النكرة اتضح أن الظرف هو الخبر .
ومنه ( وأجل مسمى عنده ) 5 .
2 ـ إذا كان الخبر استفهام ، أو مضافا إلى استفهام ، لأن
الاستفهام مما له الصدارة في الكلام . نحو : كيف حالك . وابن من هذا . وأي ساعة السفر .
30 ـ ومنه : ( أين شركائي ) 6 .
و : ( أسحر
هذا ) 7 .
و : ( متى
هذا الوعد ) 8 .
3 ـ إذا اتصل بالمبتدأ ضمير يعود على شيء من الخبر .
نحو : في
المدرسة طلابها . وفي الحديقة أطفالها .
31 ـ ومنه : ( أم على قلوب أقفالها ) 1 .
أهابك إجلالا وما بك قدرة عليّ ولكن ملء عين حبيبها
ووجب تقديم
الخبر هنا ، لأنه لو تأخر لعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة .
4 ـ أن يحصر الخبر في المبتدأ بما وإلا ، أو بإنما .
نحو : ما
فائز إلا محمد . وإنما فائز محمد .
32 ـ ومنه : ( ما على الرسول إلا البلاغ )2 .
و : (
فإنما على رسولنا البلاغ المبين ) 3 .
ومعنى الحصر
هنا أن الفوز في المثالين منحصر في محمد ، وليست صفة الفوز إلا له . وكذلك في الآية
فالخبر وهو خالق منحصر في الله .
ومن المواضع التي يجب فيها تأخير الخبر الآتي :
1 ـ ما ورد
مسموعا . نحو : راكب الناقة طَلِيحان . بمعنى متعبان . (4)
وأصله راكب
الناقة ، والناقة طليحان .
وهو كل
مبتدأ مضاف ، أخبر عنه بخبر مطابق في التثنية أو الجمع للمضاف مع المضاف إليه من غير
عطف شيء ظاهر على المبتدأ . أي : من غير ظهور عاطف ولا معطوف .
ومنه :
منسق الحديقة جميلان . أي : منسق الحديقة والحديقة جميلان .
فالمعطوف على
المبتدأ محذوف لوضوح المعنى ، والخبر واجب التأخير .
2 ـ أن يكون الخبر مقرونا بالفاء .
نحو : من
يساعدني فمخلص . فإن تقدم الخبر وجب حذف الفاء .
3 ـ أن يكون الخبر مقرونا بالباء الزائدة .
نحو : ما
كسول بناجح . وما شريف بخائن .
4 ـ أن يكون الخبر طلبا . نحو : الضعيف ساعده ، والمحتاج
أعطه .
5 ـ أن يكون الأخبار عن مذ ومنذ بجعلهما مبتدأين معرفتين
في المعنى .
نحو : ما
رأيتك مذ أسبوعان . وما سافرت منذ عامان .
أي زمن
انقطاع الرؤية أسبوعان .
6 ـ الخبر عن ضمير الشأن الواقع مبتدأ .
: ( قل هو الله أحد )1 .
7 ـ خبر المبتدأ إذا كان هذا الخبر جملة هي عين المبدأ
في المعنى .
نحو : قولي
: حسبي الله . وحديثي : العلم مفيد .
8 ـ خبر اسم الإشارة المبدوء بها التنبيه بشرط ألا يفصل
بين الهاء واسم الإشارة فاصل . نحو : هذا كتبك . وهذه حقيبتك . وفيه خلاف بين النحويين بأنه لا يجب تأخير
الخبر ، وإنما يستحب تقديم المبتدأ في مثل هذه الحالة .
9 ـ خبر المبتدأ الذي للدعاء وقد أشرنا له في موضعه عند
الابتداء بالنكرة .
نحو : ( سلام على آل ياسين ) 2 .
و : ( ويل
للمطففين )3 .
10 ـ الخبر المتعدد لمبتدأ واحد ويؤدي تعدده معنى واحدا
.
نحو :
الليمون حامض حلو . أي : متوسط بينهما .
والرجل طويل
قصير . أي : متوسط بين الأمرين .
11 ـ خبر المبتدأ التالي " أمّا " الشرطية
التفصيلية .
نحو : أمّا
محمد فشاعر . وأمّا أحمد فكاتب .
12 ـ خبر المبتدأ المفصول عن خبره بضمير الفصل .
نحو :
الأسطورة هي حكاية شعبية . وكاتم الشهادة هو شيطان أخرس .
13 ـ خبر المبتدأ إذا كان المبتدأ ضمير المتكلم ، أو
المخاطب ، وأخبر عنه باسم الموصول ، مع وقوعه بعد الضمير مباشرة مطابقا له في الخطاب ، أو التكلم .
نحو : أنا
الذي فعلت كذا ، وأنتما اللذان رفعتما شعار الحرية .
ونحن الذين
نقوم ببناء الوطن .
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به
صمم
14 ـ ويجب تقديم الخبر في باب ما يسمى : " الإخبار
عن الذي " .
نحو : الذي
فاز بالجائزة محمد . والذي تفوق في السباق إبراهيم .
15 ـ خبر المبتدأ إذا كان المبتدأ ضمير المخاطب ، أو
المتكلم ، وخبره معرف بـ " أل " التعريف ، وبعدها ضمير مطابق للمبتدأ في الخطاب والتكلم .
نحو : أنت
العالم تنير طريق الهدى . وأنا المتعلم أبحث عن سبل العلم .
16 ـ إذا كان الخبر جملة فعلية ماضوية ، والمبتدأ ما
التعجبية .
نحو : ما
أعظم القائدَ أن يتقدم الصفوف . وما أجمل القمر يبدد ظلمة الليل .
جواز التقديم والتأخير :
1 ـ يجوز تقديم المبتدأ وتأخير الخبر بعد أمّا الشرطية
التفصيلية التوكيدية .
عندي اصطبار وأمّا أنني جزع يوم النوى فلوجد كاد يبريني
فقد قدم
المبتدأ وهو المصدر المؤول من أن ومعموليها " أنني جزع " على الخبر الذي
هو الجار والمجرور " فلوجد " بعد أمّا الشرطية ، وجاز هذا التقديم لأمن
اللبس بين أن المفتوحة الهمزة ، وإن المكسورة الهمزة لفظا ، ولأمن اللبس بين أن
المفتوحة الهمزة المؤكدة والتي بمعنى لعل معنى .
وحصل أمن اللبس لأن " أمّا " الشرطية لا يقع بعدها " إن "
المكسورة الهمزة ، ولا " أن " المفتوحة التي بمعنى لعل ، فإذا ما وقع
بعدها " أن " المفتوحة الهمزة فهي أنَّ المؤكدة الناصبة للاسم .
2 ـ ويجوز تقديم أو تأخير أحدهما على الآخر في مخصوص نعن
، أو بئس .
نحو : نعم
الرجل محمد . وبئس العمل الخيانة .
فمحمد كما
ذكرنا سابقا يجوز فيها أن تكون مبتدأ مؤخرا ، والجملة الفعلية قبلها خبر مقدم ، ويجوز
أن يكون المبتدأ محذوفا ، ومحمد خبره .
فإن تقدم
المخصوص على الفعل أعرب مبتدأ ، والجملة خبرا مؤخرا ، لذا جاز التقديم والتأخير
فيهما .
حذف الخبر :
أولا ـ جواز الحذف :
يجوز حذف الخبر إن دل عليه دليل وذلك في موضعين :
1 ـ بعد إذا الفجائية : نحو : وصلت فإذا المطر . وخرجت
فإذا الأسد .
والتقدير :
فإذا المطر منهمر . وإذا الأسد حاضر .
2 ـ إذا دل عليه دليل ملحوظ ، وذلك بعد السؤال . تقول :
من غائب ؟ فيقال في الجواب : عليّ . والتقدير : عليّ غائب .
وقد يكون
الدليل غير ملحوظ ، وإنما يدرك من السياق
16 ـ نحو
قول الشاعر :
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف
فنحن :
مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : راضون . أي : نحن بما عندنا راضون .
3 ـ إذا عطفت جملة اسمية على جملة أخرى خبرها غير محذوف
.
نحو : محمد
مجتهد وأحمد .
والتقدير :
وأحمد مجتهد . فحف الخبر لدلالة ما قبله عليه .
34 ـ ومنه : ( أكلها دائم وظلها )1 .
والتقدير
: وظلها كذلك .
ثانيا ـ وجوب الحذف :
يجب حذف الخبر في المواضع التالية :
1 ـ إذا كان المبتدأ اسما صريحا في القسم .
نحو : أيمن
الله لأفعلن الخير . والتقدير : أيمن الله قسمي .
ونحو :
لعمرك لأشهدن الحق . والتقدير : لعمرك قسمي .
: ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) 2 .
قول:
لَعَمْرُكَ ما أدري وإني لأوجل على أيِّنا تعدو المنية أولُ
لَعَمْرُكَ والخطوبُ مُغيِّراتٌ وفي طول المعاشرة التّقالي
لعمرك ما أمري عليّ بغُمّةٍ نهاري ولا ليلي عليّ بسرمد
فكلمة
" لعمرك " في الأبيات الثلاثة السابقة مبتدآت حذفت أخبارها . والتقدير :
لعمرك قسمي
.
فإن كان المبتدأ غير صريح في القسم ، بمعنى أنه يستعمل للقسم ولغيره ،
جاز حذف
الخبر وإثباته . نحو : عهد الله لتصدقن بما عندي .
ونحو : عهد
الله عليّ لأتصدقن بما عندي .
ففي المثال
الأول حذف الخبر ، وفي الثاني أثبته وهو : عليّ الجار والمجرور .
2 ـ أن يدل
الخبر على صفة مطلقة . بمعنى أن تكون الصفة دالة على وجود أو
" كون
" عام فتقدر بمعنى كائن أو موجود ، أو مستقر أو حاصل .
وذلك في
موضعين :
أ ـ أن
يتعلق بها جار ومجرور ، أو ظرف .
نحو :
الماء في الإبريق . والكتاب فوق المكتب .
ومنه : ( الحمد لله ) 1 .
لنا قيس عليك وأيَ يوم إذا ما احمرَ أجنحة العُقاب
منا عتيبةُ فانظر من تُعِدّ له والحارثان ومنّا الردفُ عتّابُ
و : (
وعنده مفاتح الغيب ) 2 .
وبين الفرع والقدمين نورٌ يقود بلا أزِمَّتها النياقا
ب ـ أن يقع المبتدأ بعد لولا ، أو لوما .
نحو : لولا
الله لصدمت السيارة الطفل .
ونحو : لوما خالد لما حضرت .
تعليقات
إرسال تعليق