أ ـ عند الجمهور أنهما مبنيان على الضم
في محل نصب بفعل محذوف وجوبا كما ذكره ابن هشام في شذور الذهب .
ب ـ وذهب الأخفش إلى أنهما مناديان بحرف
نداء محذوف ، تقديره : يا أيها ، ويا أيتها ، وليس ببدع أن ينادي الإنسان نفسة ،
كما لا يستنكر أن يخاطب الإنسان نفسه .
ومنه قول عمر بن الخطاب : " كل
الناس أفقه منك يا عمر " .
ج ـ وقال السيرافي : أيها أو أيتها
مبتدأ حذف خبره ، والتقدير : أيها الرجل المخصوص أنا . أو هما خبر لمبتدأ محذوف .
والأرجح عندي ما قال به الجمهور ، وهو
أقرب للمنطق ، وأبعد عن التكلف .
الاشتغال
تعريفه : هو انشغال العامل المتعدي
بالعمل في ضمير يعود على الاسم المتقدم ، أو بما يلابس ضميره . نحو : محمدا
أكرمته . وواجبك اكتبه .
الاّية: { وكل شيء فصلناه تفصيلا } .
والاّية: { والجبال أرساها }2 .
والاّية: { والقمر قدرناه منازلا } .
24 ـ ومنه قول عمرو بن كلثوم :
ملأنا
البر حتى ضاق عنا وماء البحر نملؤه سفينا
ومثال
انشغال الفعل بما يلابس ضمير الاسم المتقدم قولنا : صديقك أحسن وفادتَه , وعدوك
اقطع دابره .
وفي هذه الحالة نقدر فعلا ملائما للمعنى
. نحو : أكرم صديقك أحسن وفادته .
ومما تجدر الإشارة إليه أن الاسم
المتقدم على الفعل في الأمثلة السابقة ، لا نقطع فيه النصب بفعل محذوف يفسره ما
بعده . إذ يجوز فيه الرفع على الابتداء ، والجملة بعده في محل رفع خبر ، إلا إذا
توفرت فيه شروط معينة وجب فيه النصب .
فـ
" محمدا " يجوز أن نعربه مفعول به لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور ،
والتقدير : أكرمت محمدا أكرمته ، واكتب واجبك اكتبه ، وفصلنا كل شيء فصلناه
، وأرسى الجبال أرساها ، وقدرنا القمر قدرناه ، ونملأ ماء البحر نملؤه .
ويجوز
أن نعربه مبتدأ ، والجملة بعده في محل رفع خبر .
ــــــــــــــــــ
أولا
ـ المواضع التي يتعين فيها وجوب
النصب للاسم المشغول عنه
: ــ
يجب نصب الاسم المشغول عنه بفعل محذوف
وجوبا يفسره الفعل المذكور إذا وقع بعد الأدوات التي تختص بالفعل . كأدوات
الاستفهام ما عدا الهمزة ، وأدوات الشرط ، والتخصيص ، والعرض .
مثال الاستفهام : هل الواجب عملته ؟ وهل
الخير فعلته ؟
مثال الشرط : إن محمدا صادفته فسلم عليه
.
وإن درسك أهملته عاقبتك .
والتحضيض نحو : هلاّ الحق قلته . هلاّ
العمل أتقنته .
والعرض نحو : ألا صديقا تزره ، ألا
العاجز ساعدته .
ثانيا
ـ المواضع التي يتعين فيها وجوب
الرفع :
يجب رفع المشغول عنه إذا وقع مبتدأ ،
وذلك في ثلاثة مواضع :
1 ـ
بعد إذا الفجائية . نحو : خرجت فإذا الشوارع تغمرها السيول .
الشوارع : مبتدأ ، ولا يصح أن تكون
مفعولا به لفعل محذوف ، لأن إذا الفجائية لم يوليها العرب إلا مبتدأ أو خبر .
الاّية: { فألقاها فإذا هي حية تسعى }1
.
فـ " إذا " الفجائية لا يقع
بعدها إلا الجملة الاسمية .
فإن نصبنا بعدها الاسم بفعل محذوف امتنع
ذلك ، لأنها لا تختص بالدخول على الأفعال .
وعلى عكسها " إذا " التي للجزاء
، فهي لا تختص إلا بالدخول على الأفعال ، لأن
الجزاء لا يكون إلا بالفعل.
الاّية: { إذا تتلى عليه آياتنا قال
أساطير الأولين } .
والاّية: { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون
ساعة } .
فإن جاء بعدها اسم رفعناه على
تأويل فعل محذوف .
الاّية: { وإذا الموءودة سئلت } .
والاّية: { وإذا الجنة أزلفت }: { إذا
الشمس كورت } .
والتقدير : فإذا سئلت الموءودة ، وقس
عليه .
2 ـ
بعد واو الحال . نحو : وصلت والشمس مائلة للمغيب .
ونحو : صافحت محمدا وخالد يبتسم . وينام
الناس والجندي تسهر عيناه .
3 ـ
قبل ما له الصدارة كأدوات الاستفهام ، أو الشرط ، أو التحضيض ، أو كم
الخبرية ، أو لام الابتداء ، أو ما النافية ، أو ما التعجبية ، أو إن وأخواتها .
نحو : القلم هل أعدته لصاحبه ، والكتاب
هل قرأته .
ونحو : محمد إن يحضر فبلغه تحياتي ،
والدرس متى تحفظه تنجح .
ونحو : القصة هلاّ قرأتها ، والمقالة
هلاّ كتبتها .
ونحو : عليّ كم أحسنت إليه ، وعبد الله
كم جالسته .
ونحو : الكتاب لأنا اشتريته ، والواجب
لأنا حللته .
ونحو : الكذب ما قلته ، والشر ما فعلته
.
ونحو : الجو ما ألطفه ، والسماء ما
أجملها .
ونحو : يوسف إني أكرمه ، وأخون لعلي
أعرفه .
فلأسماء في الأمثلة السابقة ، والواقعة
قبل ما له الصدارة جاءت مبتدآت ، والجمل بعدها في
محل رفع أخبار لها ، ولا يصح نصب تلك
الأسماء بأفعال محذوفة يدل عليها الأفعال المذكورة ، لأن الأفعال الواقعة بعد
الأدوات السابقة لا تعمل فيما قبل تلك الأدوات ، وما لا يعمل لا يفسر عاملا .
ثالثا
ـ المواضع التي يتعين فيها ترجيح
النصب :
يرجح نصب المشغول عنه في ثلاثة مواضع هي
:
1 ـ
أن يقع بعد الاسم المشغول عنه فعل طلبي : أمر ، أو نهي ، أو دعاء .
نحو : الدرس احفظه ، والصديق أكرمه .
ونحو : الواجب لا تهمله ، والكتاب لا
تمزقه .
ونحو : عليا هداه الله ، وأحمد سامحه
الله ، واللهم أمري يسره .
2 ـ
أن يقع الاسم بعد : حتى ، وبل ، ولكن الابتدائيات .
نحو : صافحت الحاضرين حتى محمدا صافحته
.
ونحو : ما عاقبت عليا ولكن يوسف عاقبته
.
ونحو : ما شربت الشاي بل اللبن شربته .
3 ـ
أن يقع بعد همزة الاستفهام . نحو : أ الكتاب قرأته ، وأمحمدا كافأته .
الاّية: { أ هؤلاء من الله عليهم من
بيننا }1 .
والاّية: { قالوا أ بشرا منا واحدا
نتبعه }2 .
4 ـ
أن يقع الاسم جوابا لمستفهم عنه منصوب . نحو : عليا استقبلته .
في جواب من سأل : من استقبلت ؟
ونحو : التمر أكلته . في جواب : ماذا
أكلت ؟
5 ـ
أن يعطف الاسم المشغول عنه على جملة فعليه عمل فعلها النصب فيما بعده
. نحو :
شاهدت محمدا وعليا صافحته ، عاقبت المهمل والمجتهد كافأته .
الاّية: { ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل
ورسلا لم نقصصهم عليك }1 .
فـ " رسلا " الثانية أجاز فيها
النحاة النصب بفعل مضمر يفسره ما بعده .
والاّية: { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال
من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم }2 .
والاّية: { يدخل من يشاء في رحمته
والظالمين أعد لهم عذابا أليما }3 .
فـ " الجان ، والظالمين " كل
منهما مفعول به منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده ، لعطفه على ما عمل فيه الفعل
" خلقنا " وهو كلمة " الإنسان " ، والفعل " يدخل "
، ومعموله اسم الموصول " من " ، وتقدير الأفعال المحذوفة في الآيات
الثلاث السابقة هي : وقصصنا رسلا ، وخلقنا الجان ، ويعذب الظالمين .
ومنه قول:
أصبحت لا أحمل السلاح ولا أمــلك رأس البعيـــر إن نفــرا
والذئب
أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا
الشاهد قوله : والذئب أخشاه . فنصب
الذئب باعتباره مفعول به لفعل محذوف يفسره الفعل أخشى ، لأنه عطف على الجملة الفعلية
في البيت الأول ، والتي نصب فيها الفعل مفعولا به وهي : لا أحمل السلاح ، ولا أملك
رأس البعير .
والتقدير : وأخشى الذئب .
رابعا
المواضع التي يتعين فيها ترجيح الرفع : ـ
يترجح رفع الاسم المشغول عنه في غير
المواضع السابقة ، أي إذا لم يكن ما يوجب نصبه ، أو يرجحه ، أو يوجب رفعه .
نحو : المجتهد كافأته ، والمهمل عاقبته
.
فقد رجح النحاة في الاسم الواقع قبل
الفعل كما هو واضح في الأمثلة السابقة الرفع
على الابتداء ، والجملة بعده في محل رفع
خبر .
وقد أجاز بعضهم نصبه على الاشتغال . فنقول : المجتهدَ كافأته . بنصب المجتهد ،
ومحمدا أكرمته .
الاّية: { ذلك نتلوه عليك من الآيات }1
.
فـ " ذلك " جاز فيها أن تكون
في موضع على الابتداء ، وهو الأرجح ، والنصب على الاشتغال ، وهو المرجوح .
ومنه الاّية: { أولئك سنؤتيهم أجرا
عظيما }2 .
جاز في " أولئك " الرفع لأنها
مبتدأ ، وخبره الجملة الفعلية ،
خامسا
ـ جواز الرفع والنصب :
يجوز في الاسم المشغول عنه الرفع والنصب
إذا عطفنا على الجملة ذات الوجهين
والمقصود بالجملة ذات الوجهين : أنها
الجملة التي صدرها اسم وعجزها فعل ،
فهي اسمية باعتبارها مبتدأ وخبر ،
وفعلية باعتبارها مختومة بفعل ومعموله {1} .
نحو : محمد مسافر وعليٌّ أو عليا أنزلته
عندي .
ونحو : خالد أخفق وإبراهيمَ أو إبراهيمُ
كافأته .
الاّية: { والشمس تجري لمستقر لها ذلك
تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل } .
والاّية: { والنجم والشجر يسجدان
والسماء رفعها ووضع الميزان }3 .
فقد قرئ " القمر " بالرفع على
الابتداء ، وقرئ بالنصب على الاشتغال {4} .
وقال العكبري : إنه في رواية الرفع
محمول على " آية " ، أو على و الشمس {5}
أما " السماء " فقد قرأها الجمهور
بالنصب على الاشتغال ، وقرأ أبو السمال بالرفع مراعيا مشاكلة الجملة الابتدائية ،
أما الجمهور فقد راعوا مشاكلة الجملة التي تليه وهي " يسجدان " {6} .
تنبيهات
وفوائد :
1 ـ يجوز النصب على الاشتغال لاسم
الموصول المشبه بالشرط الذي دخلت في خبره الفاء . الاّية: { واللذان يأتيانها منكم
فآذوهما }
والاّية: { واللاتي يأتين الفاحشة من
نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم }
ففي
الآيتين السابقتين أجري الموصولان " اللذان ، و اللاتي " مجرى الشرط
بدخول الفاء في الفعل " فاستشهدوا " ، و الفعل " فآذوهما "
لذلك لا يجوز أن ينتصب كل من الموصولين السابقين بإضمار فعل يفسره ما بعده ، ويكون
ذلك من باب الاشتغال ، لأن كلا من الفعلين المذكورين لا يصح أن يعمل في الاسم
الموصول لجريانه مجرى فعل الشرط .
وقال العكبري : لا يجوز أن يعمل ما بعد
الفاء فيما قبلها في مثل هذا الموضع يعني
الموضع السابق ـ ولو عري من ضمير المفعول ، لأن الفاء هنا في حكم الفاء الواقعة في
جواب الشرط ، وتلك تقطع ما بعدها عما قبلها {1} .
وبناء على ما تقدم يعرب اسم الموصول في كل من الآيتين السابقتين مبتدأ ، وخبره في
الآية الأولى : الجملة الفعلية " فاستشهدوا ... إلخ " مع جواز دخول
الفاء زائدة على الخبر على رأي الجمهور ، لأن المبتدأ أشبه بالشرط في كونه موصولا
عاما صلته فعل مستقبلي . ويجوز أن يكون الخبر محذوفا تقديره : فيما يتلى عليكم حكم
اللاتي ، فحذف الخبر ، والمضاف إلى المبتدأ لدلالته عليهما ، وأقيم المضاف إليه
مقامه ، ونظيره ما تمثل به سيبويه في الاّية:
{ الزانية والزاني فاجلدوا }2 .
172 ـ والاّية: { والسارق والسارقة
فاقطعوا }3 .
وما قيل في الآية الأولى يقال في الآية
الثانية .
وقد
أجاز البعض النصب على تقدير إضمار فعل يفسره الخبر ، ويقبح أن يفسره ما في
الصلة {4} .
2 ـ ذكرنا فيما سبق في تعريف الاشتغال
أن بتقدم اسم ، ويتأخر عنه فعل ، أو وصف صالح للعمل فيما قبله منشغل عن العمل فيه
بالعمل في ضميره ، أو ملابسه . إلا أن بعض الأفعال لا يصلح
ــــــــــــــــــــــــ
أن يكون ناصبا للاسم المتقدم عليه
ولو لم يشغل عنه بضميره ، وذلك كالأفعال الواقعة شرطا ، أو جوابا ، أو كانت جامدة
مسبوقة بما التعجبية ، وقد ذكرنا ذلك في موضعه ، وكذلك الفعل الواقع صفة .
الاّية: { وكل شيء فعلوه في الزبر }1 .
فـ " كل " وجب فيها الرفع على
الابتداء ، لأن الصفة لا تعمل فيما قبلها ، وما لا يعمل لا يفسر عاملا {2} .
فالجملة الفعلية في محل رفع صفة لكل {3}
. و " في الزبر " في محل رفع خبر .
3 ـ إن العامل المنشغل بضمير الاسم
المتقدم عليه ، إما أن يكون فعلا كما في جميع الأمثلة الواردة في هذا الباب
، وقد يكون شبيها بالفعل في عمله ، كالأوصاف المشتقة من الفعل كاسم الفاعل ، واسم
المفعول إذا جاءا بمعنى الحال ، أو الاستقبال ، وألا يقعا صلة " لأل "
لامتناع عمل الصلة فيما قبلها ، وما لا يعمل لا يفسر عاملا ، وعليه امتنع تفسير
الصفة المشبهة ، فلا يجوز نحو : خالدا أنا الضاربه . ولا : وجه الأب محمد حسنه .
ومن الأمثلة على الأوصاف التي توفرت
فيها شروط العمل قولنا : محمدا أنا ضاربه . وعليا أنت أكرمته .
4 ـ إذا وقع الفعل جوابا للقسم فلا يفسر
عاملا ، لذلك يجب رفع الاسم المتقدم .
نحو : المجتهد والله لأكافئنه ، والمهمل
والله لأعاقبنه .
174 ـ ومنه الاّية: { والذين آمنوا
وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم }4 .
والاّية: { والذين هاجروا في الله من
بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة }5.
فـ " المهمل ، والمجد ، والذين
" في الآيتين السابقتين وجب في كل منها الرفع على الابتداء ، وجملة جواب القسم
في محل رفع خبر .
ذكر ذلك صاحب شرح الكافية فقال : "
وكذا جواب القسم لا يعمل فيما قبل القسم ، فيجب الرفع في مثل : زيد والله لأضربنه
، لأن القسم له صدر الكلام لتأثيره في الكلام " {1} . ولكن البعض أجاز النصب
بفعل محذوف يدل عليه الفعل المذكور ، وهو غير صحيح لأن جواب القسم لا يفسر ما قبله
فانتبه .
5 ـ إذا فصلت " إلا " بين الفعل
المتأخر عنها ، العامل في ضمير الاسم المتقدم عليها ، امتنع بصب الاسم
على الاشتغال . نحو : ما كتاب إلا قرأته . وما عمل إلا أنجزته .
فـ
" كتاب ، وعمل " كل منهما واجب الرفع على الابتداء ، والجملة الفعلية في
محل رفع خبره ، ولا يصح نصبه على الاشتغال ، لأن ما بعد " إلا " لا يعمل
فيما قبلها ، وعلة ذلك أن ما بعد " إلا " من حيث الحقيقة جملة مستأنفة ،
لكن صيرت الجملتان في صورة جملة قصرا للاختصار ، فاقتصر على عمل ما قبل إلا فيما
يليها فقط ، ولم يجز عمله فيما بعده على الأصح {2} .
وما لا يعمل لا يفسر عاملا .
6 ـ يرجح رفع الاسم المشغول عنه إذا وقع
بعد " أما " الفصلية .
175 ـ نحو الاّية: { وأما الذين آمنوا
وعملوا الصالحات فيوفينهم أجورهم }3 . والاّية: { فأما الذين كفروا
فأعذبهم عذابا شديدا }4 .
فـ " الذين " في الآيتين يرجح
فيهما الرفع على الابتداء ، وجملة : فيوفينهم ... إلخ خبر في الآية الأولى ، وجملة
: فأعذبهم ... إلخ خبر في الآية الثانية .
وجوز البعض النصب على الاشتغال بفعل
محذوف يفسره المذكور {5} .
7 ـ يشترط في الاسم المشتغل عنه أن يكون
معرفة حتى يصح الابتداء به ، كما
مر معنا في الأمثلة السابقة في باب
الاشتغال . نحو : هل الكتاب قرأته ؟
وهل عليا قابلته ؟ فإن جاء الاسم نكرة
محضة أول بمعرفة .
176 ـ نحو الاّية: { وأخرى تحبونها }1 .
فـ " أخرى " صفة لموصوف محذوف
، والتقدير : النعمة ، أو المثوبة الأخرى .
وأما الاّية{ ورهبانية ابتدعوها }2 .
فلا يصح في " رهبانية " النصب
على الاشتغال ، لأنها نكرة لا تصلح للابتداء ، والجملة بعدها صفة .
وجاز الاشتغال فى الاّية: { ورسلا قد
قصصناهم عليك }3 .
لأنه موضع تفضيل {4} .
الباب الخامس
التضمين
نوع من المجاز ، لأن اللفظ لم يوضع
للحقيقة والمجاز معا ، والجمع بينهما مجاز خاص يعرف بالتضمين ، وهو على وجه الخصوص
: أن يتضمن فعل معنى فعل آخر ، وبذلك قد ينتقل الفعل إلى أكثر من درجة ،
فإن كان لازما يصبح بالتضمين متعديا ، وإن كان متعديا لمفعول به ، فإنه يتعدى
بالتضمين لأكثر .
والأفعال المتضمنة معنى بعض كثيرة ،
ومنها على سبيل المثال الآتي : ـ
: { فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم }1 .
تعدى " أتم " بحرف الجر
" إلى " لتضمنه معنى " فأدوا " .
أحب : : { فقال إني أحببت حب الخير عن
ذكر ربي }2.
فـ " حب " مفعول به لأحببت ،
لأنه تضمن معنى آثرت .
تخشى : 145 ـ نحو : { وتخشى الناس والله
أحق أن تخشاه }3 .
الناس " مفعول به لتخشى ، لتضمنه
معنى تستحي ، أي : وتستحي الناس والله أحق أن تستحييه .
سمع : : { وإن يقولوا تسمع لقولهم }4 .
فضمن تسمع معنى تصغي ، فتعدى لمفعوله
باللام في قوله : لقولهم .
ومن الأفعال المتعدية لمفعولين عن طريق
التضمين التالي :
وصَّى : نحو : { ووصينا الإنسان بوالديه
إحسانا }5 .
قيل : ضمن " وصينا " معنى
" ألزمنا " فتعدى لاثنين ، الثاني : إحسانا ، وقيل مصدر {6}
. زوَّج : : { وزوجناهم بحور عين }7 .
زوج يتعدى بنفسه إلى المفعولين ، وتعدى
في الآية إلى المفعول الثاني بـ " الباء " لتضمنه معنى قرناهم {1} .
رابعا
ـ تضمن بعض الأفعال معنى الظن
هناك قول يتضمن معنى الظن ، ويشترط في هذا القول أن يكون الفعل مضارعا مسبوقا
باستفهام ، وأن يكون للمخاطب ، وفي هذه الحالة يمكن لفعل القول أن يعمل عمل "
ظن " ، فينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر .
نحو : أتقول محمدا مسافرا ، وأتقول أخاك
ناجحا .
أما إذا اختل شرط من الشروط السابقة ،
وجب رفع المفعولين باعتبارهما مبتدأ وخبر ، وهما في محل نصب مقول القول .
خامسا
ـ هناك أفعال تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ غير التي ذكرنا ، ومن هذه الأفعال :
آتي ـ آجر ـ بخس ـ بلّغ ـ بوأ ـ اتبع ـ
جرم ـ جزى ـ حذّر ـ أحضر ـ أحل ـ أخسر ـ خوّف ـ أرهق ـ أدخل ـ زوّج ـ زاد ـ سلب ـ
سمّى ـ سام ـ أصلى ـ أضل ـ أغشى ـ غشّى ـ قدّر ـ كتم ـ كلّف ـ لقّى ـ ملأ ـ
منع ـ أنذر ـ أنسى ـ أنكح ـ ذرّ ـ أورث ـ أورد ـ وصّى ـ وعد ـ واعد ـ وفّى ـ
ولّى ـ اختار ـ صدّق ـ وغيرها كثير {2} .
ـــــــــــــــــــــــــــ
سادسا
ـ المشبه بالمفعول به :
يجوز في معمول الصفة المشبهة إذا كان معرفة الرفع لأنه فاعل .
نحو : محمد حسنٌ وجهُهُ .
فإن قصد به المبالغة حولنا الإسناد عن
الفاعل إلى الضمير المستتر في الصفة المشبهة ، والعائد إلى ما قبلها ،
ونصبنا ما كان فاعلا تشبيها له بالمفعول به .
فنقول : محمد حسنٌ وجهَهُ ، أو : حسنٌ
الوجهَ .
فـ " فوجهَهُ ، أو الوجهَ "
مشبه بالمفعول به منصوب بالفتحة ، ولا يصح أن نعتبرها مفعولا به ، لأن الصفة المشبهة
لازمة لا تتعدى لمعمولها ، ولا يصح نصبه على التمييز ، لأن الاسم معرفة بإضافته
إلى الضمير ، أو بـ " أل " التعريف ، والتمييز لا يكون إلا نكرة .
سابعا
ـ هناك علامتان يجب توفرهما في الفعل المتعدي إلى المفعول به ، أوأكثر ، هما :
1 ـ أن يصح اتصاله بضمير الغائب "
الهاء " . نحو : كتبه ، أرسله ، كافأه .
إذ إن الفعل اللازم لا يصح اتصاله بذلك
الضمير .
فلا نقول : ذهبته ، وجلسته .
2 ـ أن يصاغ منه اسم مفعول تام على وزن
" مفعول " .
نحو : كتب ـ مكتوب ، أكل ـ مأكول ، ضرب
ـ مضروب .
ولا يصح أن يصاغ من الفعل اللازم ، فلا
نقول : مذهوب ، ومجلوس .
ثامنا
ـ يجوز في أفعال القلوب " ظن " وأخواتها حذف أحد مفعوليها ، أو حذف
المفعولين معا .
148 ـ فمثال الأول : { اتخذوه وكانوا
ظالمين }1 . أي اتخذوه إلها .
قول:
ولقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المحب المكرم
فحذف أحد المفعولين ، والتقدير : فلا
تظني غيره حاصلا .
غير أن
حذف أحد المفعولين عند أكثر النحويين ممتنع ، لأنه لا يجوز الاقتصار على المفعول
الأول ، لأن الشك والعلم وقعا في المفعول الثاني ، وهما معا كالاسم الواحد ،
ومضمونهما معا هو المفعول به في الحقيقة ، فلو حذفت أحدهما كأن حذفت بعض أجزاء
الكلمة الواحدة إلا أن الحذف وارد مع القرينة .
ومثال الثاني : : { أين شركائي الذين
كنتم تزعمون }1 .
فالمفعولان محذوفان : أحدهما عائد
للموصول ، أي : تزعمونهم شركاء .
وقدرهما ابن هشام في المغنى بقوله :
تزعمون أنهم شركاء . أي من " أن " ومعموليها ، لأن زعم في الغالب لا
يقع على المفعولين صريحا ، بل على أن
وصلتها . : { وإن هم لا يظنون }2 .
فحذف المفعولين ، وحذفهما جائز ،
والتقدير : يظنون ما هو نافع لهم .
تاسعا
ـ إذا كان المفعول به تابعا لجواب " أما " وجب تقديمه على عامل الفعل ـ
" لا " الناهية ـ إذا انعدم الفاصل بين " ما "
والجواب .
: { فأما اليتيم فلا تقهر } .
و: { وأما السائل فلا تنهر } .
فـ " اليتيم ، والسائل " كل
منهما منصوب بالفعل بعده ، والفاء غير فاصلة بين الفعل ومعموله ، ولا مانعة {5 } .
حالات
عمل أفعال القلوب
لأفعال القلوب من حيث العمل ثلاثة
أحوال : ـ
أولا
ـ الإعمال : ـ
بمعنى أنها تدخل على المبتدأ والخبر ،
وتعمل فيهما النصب ، ويكونان مفعولين للفعل ، وقد مثلنا له سابقا ،
وعملها واجب إذا تقدمت على معموليها ، أما إذا توسطت فعملها جائز . نحو : زيدا
ظننت مسافرا .
أو إذا تأخر الفعل . نحو : زيدا مسافرا
ظننت .
ففي هاتين الحالتين : يجوز إعمال الفعل
، ويجوز إهماله .
وفي حالة الإهمال يعرب الاسم الواقع قبل
الفعل مبتدأ ، والجملة بعده في محل رفع خبر إذا كان الفعل متوسطا بين الاسمين ،
وإذا كان الفعل متأخرا أعربا مبتدأ وخبرا .
ثانيا
ـ الإلغاء :
وهو إبطال عمل أفعال القلوب بنوعيها في
اللفظ ، وفي المحل معا إذا توسطت معمليها ، أو تأخرت عنهما .
نحو : محمد ظننت حاضر ، وعمرو حسبت
متأخر .
ففي هذه الحالة يلغى عمل ظن وحسب ، وما
دخل في بابهما من الأفعال ، ويشمل الإلغاء عدم العمل في لفظ الكلمة المعمول فيها
،وفي محلها أيضا .
فـ " محمد " مبتدأ ، وظننت
جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب ، و " مسافر " خبر . وقس على ذلك .
ثالثا
ـ التعليق :
وهو إبطال عمل تلك الأفعال في اللفظ دون
المحل ، وذلك إذا تلا الفعل ما له الصدارة في الكلام كالآتي :
1 ـ
لام الابتداء . نحو : علمت لخالد موجود .
فقد علق عمل الفعل عن لفظ المعمول ،
ولكنه لم يعلق في المحل أو التقدير ،
فيكون " خالد " مرفوعا لفظا
منصوبا محلا .
: { ولقد علموا لمن اشتراه ما له في
الآخرة من خلاق }1 . ومنه : { والله يعلم إنك لرسوله }2 .
وقد منع بعض النحاة التعليق في باب أعلم
خاصة ، والصحيح جوازه ، واستشهدوا عليه 21 ـ بقول
حذار
فقد نبئت إنك للذي ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى
فعلق الفعل " نبئت " عن العمل
لاتصال خبر إن باللام ، ولولا اتصال اللام بخبرها لكانت همزتها مفتوحة بعد الفعل
نبأ .
2 ـ
لام جواب القسم . نحو : علمت ليحضرن أخوك .
والتقدير : علمت والله ليحضرن أخوك .
22 ـ ومنه قول:
ولقد علمت لتاتين منيتي إن المنايا لا تطيش سهامها
فقد علق الفعل " علم " عن العمل
في لفظ المعمول دون محله ، ولوعمل فيهما لكان التقدير : علمت منيتي آتية .
منيتي : مفعول به أول . والجملة الفعلية
في محل نصب مفعول به ثان .
3 ـ
لا النافية . نحو : ظننت لا محمد قائم ولا أحمد
ونحو : علمت لا طالب في الفصل ولا مدرس
.
4 ـ
ما النافية . : { لقد علمت ما هؤلاء ينطقون }3 .
و: { ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما
لهم من محيص }4 .
تعليقات
إرسال تعليق