الإغراء والتحذير
تعريف الإغراء :
هو نصب
الاسم المحبب عمله بفعل محذوف وجوبا تقديره الزم ، أو ما في معناه ، باعتباره مفعولا به .
تعريف
التحذير :
هو نصب الاسم المكروه عملة بفعل
محذوف تقديره احذر ، أو ما في معناه ، باعتباره مفعولا به .
صور
الإغراء والتحذير :
للإغراء والتحذير صورتان هما :
1 ـ التكرار ، والفعل معه واجب الحذف .
نحو :
البكور البكور ، والفوز الفوز ، والاجتهاد الاجتهاد .
ونحو :
الكسل الكسل ، الإهمال الإهمال ، الكذب الكذب .
قول:
أخاك أخاك إنَّ من لا أخا له كساع إلى الهيجا بغير سلاح
2 ـ العطف : ويقصد به عطف اسم مفرد على آخر ، والفعل معه
واجب الحذف أيضا .
نحو : الجد
والاجتهاد ، الكفاح والنضال .
ونحو :
الكسل والإهمال . الغش والخيانة .
ومن صور التحذير أن يكون المحذر منه ضمير النصب المنفصل " إياك " العائد
على المخاطب وزمرته ، ويكون إما مكررا ، أو معطوفا عليه ، أو يكون الاسم الذي يليه
مجرورا بمن ، أو مصدرا مؤولا .
نحو : إياك
إياك . إياك والإهمال . إياكم من السمنة . إياكن أن تتأخرن .
وأصل هذه
الصورة : أحذرك ، وأحذرك والإهمال ، وباعدوا من السمنة ، واحذرن من أن تتأخرن .
ومن شواهد
المكرر قول الشاعر :
أخاك أخاك فهو أجل ذُخر إذا نابتك نائبة الزمان
إياك :
ضمير منفصل مبني على الفتح في محل نصب بفعل محذوف تقديره : قِ أو احذر .
وإياك
الثانية توكيد لفظي مبني على الفتح في محل نصب .
ومن شواهد
المعطوف عليه : { ناقة الله وسقياها }1 .
قول الشاعر :
فإياك والأمر الذي إن توسعت موارده ضاقت عليك المصادر
والعطف في
هذه الصورة من باب عطف الجمل على الجمل .
فإياك والإهمال نعربها على النحو التالي :
إياك :
ضمير منفصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره : قِ ، أو
احفظ .
والإهمال :
الواو حرف عطف ، الإهمال : مفعول به لفعل محذوف تقديره : احذر ، والمعطوف جملة :
احذر الإهمال ، والمعطوف عليه : قِ نفسك .
لأن أصل
التركيب : قِ نفسك ، واحذر الإهمال .
وقد يأتي
المحذر منه غير مسبوق بحرف العطف .
نحو : إياك
إياك الخيانة .
ومن شواهد
المصدر المؤول الذي يلي إياك ولم يسبق بحر العطف
إياك أن تعظ الرجال وقد أصبحت محتاجا إلى الوعظ
فائدة :
ذكرنا سابقا أن حكم المحذر منه النصب باعتباره مفعولا به ، وعامله فعل محذوف وجوبا
في كل الصور التي ذكرنا آنفا ، غير أنه قد يحذف الفعل جوازا إذا كان المحذر منه
مفردا ، وهذه الصورة ضعيفة ، بل ذكر بعض النحاة أنها خروج عن الأصل .
نحو :
الكفاح فإنه الطريق إلى تحرير الوطن .
ونحو :
الكذب فإنه سبب كل المعاصي .
والتقدير :
الزم الكفاح . واحذر الكذب .
أخاك الذي إن تدعه لملمة يجبك كما تبغي
ويكفيك من بغى
الشاهد
قوله : أخاك ، حثت جاء بها الشاعر منصوبة على الإغراء بفعل محذوف ، غير مكررة ،
ولا متعاطفة . والتقدير : الزم أخاك .
الترخم والاستغاثة والندبة
أولا ـ الترخُّم :
تعريفه : وهو حذف حرف أو أكثر
من آخر الاسم المبني تخفيفا على وجه الاعتباط واختص بالنداء : إما لأنه لما كثر
استعماله احتيج إلى التخفيف ، أو لأنه لما كان مشاهدا مخاطبا جاز حذف شيء من حروفه
لدلالة الحال عليه . ولك في ذلك خياران من الإعراب :
أ ـ ترك
الحرف الخير من الكلمة بعد الحذف على ما هو عليه من الضبط .
نحو : يا
فاطمَةُ . بعد الحذف تقول : يا فاطمَ . باعتبار أن الحرف الأخير كان مفتوحا في
الأصل . وإعرابه : فاطمَ منادى مبنى على الضم على التاء المحذوفة للترخيم في محل
نصب .
ومثله : يا
صاحِ ، وأصلها يا صاحِبُ ، بكسر الحاء في الأصل فبعد حذف الحرف الأخير بقي
ما قبله على حالته .
أفاطمَ قبل بينك متعيني وحسبك إن منعتك أن
تبيني
الشاهد :
فاطم ، وأصلها فاطمة فحذف تاء التأنيث ، وضم أخر الكلمة باعتبارها منادى علم مبني
على الضم ، ويجوز فتحها اتابعا للحركة الموجودة على الميم اصلا قبل الحذف .
ب ـ مراعاة موقعه من الإعراب باعتباره منادى ، ويكون ذلك
ببنائه على الضم . نحو : يا
عائشُ . وأصلها يا عائشَةُ .
وإعرابه :
عائش منادى مبنى على الضم في محل نصب .
ولا يرخم
إلا المنادى المبني على الضم عند أغلب الجمهور سواء كان علما مفردا ، أو نكرة
مقصودة ، إلا سيبويه فأجازه في كل اسم يجوز للشاعر ترخيمه في غير النداء للضرورة .
كقول الراجز :
" وقد وسطت مالكا وحنظلا "
الشاهد
قوله : وحنظلا ، حيث رخمه ضرورة في غير النداء ، وحذف من أخره التاء ، وأصله
" حنظلة " .
أبو حنش يؤرقنا وطلقٌ وعمار وآونة أثالا
الشاهد
قوله : " أثالا " حيث رخمه في غير النداء للضرورة فحذف من آخره التاء ،
وأصله
أثالة . (1)
وللاسم
المرخم في النداء إذا لم تتصل به تاء التأنيث عند البصريين شروط هي :
1 ـ أن يكون علما لأن الأعلام منقولة في الأكثر عن وضعها
اللغوي إلى وضع ثان والنقل تغيير
، وكذلك الترخيم فهو تغيير .
2 ـ أن يكون مفردا ، أي لا يكون جملة في الأصل كبرق نحره
لعدم تأثير النداء فيه ، ولأن
الجمل تحكى ولا تغير عن موضعها ، وألا يكون مضافا ولا شبيها بالمضاف لكونهما
معربين ، ولأن المضاف والمضاف إليه جريا مجرى الكلمة الواحدة من وجه ، ومجرى
الكلمتين من وجه آخر. فلو رخم المضاف لرخم ما ليس بآخر الكلمة على الوجه الأول ،
ولو رخم المضاف إليه لرخم ما ليس بمنادى على الوجه الآخر ، وكذلك حكم الشبيه
بالمضاف ، غير أن الكوفيين أجازوا ترخيم المضاف إليه قياسا على المركب
أبا عروَ لا تبعد فكل ابن حرة سيدعوه داعي
ميِتة فيجيب
الشاهد
قوله : أبا عرو ، حيث حذف عجر ما أضيف إليه المنادى للترخيم ، وهو حذف جائز عند
الكوفيين ، وأصله " يا أبا عروة " .
ـــــــــــ
ثالثا ـ أن يكون المنادى زائدا عن ثلاثة أحرف ، لن
الثلاثي أقل الأصول في المتمكن وأخفها ، فلو رخم للتخفيف لكان إجحافا وتحصيلا للحاصل .
وأجاز
الفراء ترخيم الثلاثي إذا كان متحرك الوسط نحو : سقر ، وعمر فتقول : يا عم (1) .
رابعا ـ ألا يكون مستغاثا لأنه معرب في النداء ،
والترخيم لا يكون إلا فيما يؤثر النداء فيه البناء .
خامسا ـ
ألا يكون مندوبا ، لأن المراد من الندبة مد الصوت ، وفي الترخيم حذفه .
أما إذا
كان الاسم المرخم مختوما بتاء التأنيث فلا يشترط فيه العلمية ولا الزيادة على
ثلاثة أحرف . وكل ما أنّث بالهاء حذفت منه الهاء عند الترخيم ، ولا فرق بين
المعرفة أو النكرة في ذلك فمتال المعرفة : يا طلحة ، عند الترخيم تقول : يا طلح ،
بحذف التاء
وفيه أربعة أوجه : يا طلحَ بالفتح ، ويا طلحُ بالضم ، وهذان الوجهان هما لغتا
الترخيم كما مر معنا ، والوجه الثالث تقول : ياطلحةَ بالحاق التاء مفتوحة
كليني لهم يا أميمةَ ناصب وليل أقاسيه بطيء
الكواكب
الشاهد
قوله : يا أميمةَ بفتح التاء ، وقيل أن هذه التاء هي في الأصل هاء السكت زادها
الشاعر وحركها بالفتح تبعا لحركة ما قبلها ، قيل هي لغة بعض العرب ممن يبني
المنادى المفرد على الفتح .
والوجه
الرابع أن تقول : يا طلحةُ ، بإلحاق التاء المضمومة على تقدير زيادتها .
فإذا كان
المندى المرخم منتهيا بألف التأنيث الممدودة سمراء ، وحمراء فعند الترخيم نقول :
يا سمرَ ، ويا حمرَ .
يا أسمَ صبرا على ما ناب من حدث إن الحوادث ملقِيّ
ومنتظَر
الشاهد
قوله : يا أسمَ حيث أن أصلها يا أسماء ورخمها بحذف الألف والهمزة ،
وإن كان
المرخم منتهيا بألف التأنيث المقصورة نحو : ليلى ، وسلمى تقول : يا ليلَ ويا سلمَ
بحذف الألف وفتح آخر الكلمة .
والمنادى العلم المرخم إما أن يكون مفردا ، أو مركبا ن فإن كان مفردا فمنه ما يحذف
منه حرف واحد وهو نوعان : أصل وزائد .
أما الأصل
فنحو : حارث ، ومالك ، وعامر ، وعند الترخيم تقول : يا حارِ ، ويا مالِ ، ويا عامِ
بحذف الحرف الأخير من الكلمة وبناء آخر الكلمة بعد الحذف على الكسر . والزائد إما
أن يكون للتأنيث نحو : طلحة ، فتقول يا طلحَ .
وإما أن
يكون للإلحاق كما في معزى وهو علم تقول : يا معزَ .
أو للتكثير
كما في بعثرى وهو علم أيضا تقول : يا بعترَ .
وقد يحذف
من المنادى المرخم حرفان زائدان وهما الألف والنون مثل : عمران ، ومروان ، وعثمان
وسلمان ، فنقول : عمر ، ومرو ، وعثم ، وسلم .
يا مروَ إن مطيتي محبوسة ترجو الحِباء
وربها لم ييأس
الشاهد :
قوله : يا مروَ ، حيث حذف الألف والنون للترخيم ، وفتح أخر الكلمة بناء على الحركة
الموجودة على حرف الواو قبل الترخيم .
وإن كان
العلم مركبا نحو : بعلبك ، حذف منه الجزء الثاني فتقول : يا بعلَ .
ثانيا ـ الاستغاثة
تعريفها
:
نداء من يُخلِّص من شدة ، أو يعين على دفع مشقة .
نحو : يا لَلمؤمن لِلمظلوم ، يا لَلناس لِلفقير .
أحرف النداء التي تستعمل في الاستغاثة .
لا يستعمل
في نداء المستغاث به سوى حرف النداء " يا " ، كما أنه لا يجوز حذفها من
نداء
الاستغاثة
.
مكونات
جملة الاستغاثة :
تتكون جملة الاستغاثة من ثلاثة أجزاء :
1 ـ حرف النداء " يا " .
2 ـ المستغاث به : وهو من يُستنصَر به لتخليص المستنصِر
من الشدة ، ويكون مجرورا في
الأغلب الأعم بلام مفتوحة .
3 ـ المستغاث له : ويكون مجرورا بلام مكسورة
نحو : يا
لَلكرام لِلمحتاجين .
يا : حرف
نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
للكرام :
اسم مجرور باللام المفتوحة في محل نصب ، لأنه منادى ، والجار والمجرور متعلق بحرف
النداء ، لأنه تضمن معنى الفعل المحذوف : أدعو أو
أنادي .
للمحتاجين
: اسم مجرور بلام مكسورة ، وعلامة جره الياء ، لأنه جمع مذكر سالم ، والجار والمجرور
متعلق بحرف النداء .
أحوال
المستغاث به : للمستغاث ثلاثة أحوال :
1 ـ أن يجر بلام مفتوحة غالبا كما أوضحنا آنفا .
2 ـ جواز حذف اللام ، والتعويض عنها بألف في آخر
المستغاث .
نحو : يا
قوما للمظلوم . ويارجلا للفقير .
يا قوما :
يا حرف نداء ، وقوما منادى مبني على الضم المقدر منع من ظهوره الفتحة المناسبة
للألف ، في محل نصب ، والألف عوض عن لام الجر المحذوفة ، حرف مبني لا محل له من
الإعراب .
للفقير :
جار ومجرور متعلقان بحرف النداء " يا " لأنه متضمن معنى الفعل أنادي .
ـ كما يجوز
زيادة هاء السكت عند الوقف .
نحو : يا
قوماه للمظلوم . وإعرابه كسابقه ، وهاء السكت حرف مبني على السكون لا محل له من
الإعراب .
3 ـ قد
يبقى المستغاث على حاله كالمنادى .
نحو : يا
قوم للمظلوم ، ويا مؤمن للفقير .
يا قوم :
يا حرف نداء ، وقوم منادى مبني على الضم في محل نصب .
ملاحظة
1 ـ لقد
ذكرنا أن لام الجر التي في أول المستغاث غالبا ما تكون مبنية على الفتح ، وقلنا
غالبا لأنه يجب بناؤها على الكسر في موضعين : ـ
أ ـ إذا
كان المستغاث معطوفا ، ولم يتكرر معه حرف النداء .
نحو : يا
لَلشباب ولِلشابات للوطن .
يبكيك ناء بعيد الدر مغترب يا لَلكهول ولِلشباب
للعجب
يا : حرف
نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
للشباب :
اللام حرف جر مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، والشباب اسم مجرور ، وعلامة
جره الكسرة الظاهرة في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء
" يا " .
وللشابات :
الواو حرف عطف مبني على الفتح ، واللام حرف جر مبني على الكسر ، الشابات اسم
مجرور باللام ، وعلامة جره الكسرة ، وهو معطوف في محل نصب .
ب ـ إذا
كان المستغاث يا المتكلم وجب كسر لام الجر .
نحو : يا
لِي للمظلوم .
يا لي : يا
حرف نداء ، لي اللام حرف جر مبني على الكسر ، ويا المتكلم ضمير متصل مبني على
السكون في محل جر ، وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها علامة البناء الأصلي
، وهو في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء .
2 ـ إذا
كان المستغاث مبنيا في الأصل بقي على حالة بنائه ، وقدرت عليه علامة الإعراب . نحو
: يا لهذا للعاجز ، ويا لك للغريق .
يا لهذا :
يا حرف نداء ، لهذا اللام حرف جر مبني على الفتح ، وهذا اسم إشارة مجرور بالكسرة
المقدرة منع من ظهورها علامة البناء الأصلي ، وهو في محل نصب منادى ، والجار
والمجرور متعلقان بحرف النداء " يا " .
غير أنه يلاحظ من الإعراب السابق لاسم الإشارة " هذا " التكلف
الواضح ، والتعقيد الذي وقع فيه كثير من النحاة ، ونرى ويرى بعض المعربين غير ذلك
، وذلك على النحو التالي :
يا لهذا :
يا حرف نداء ، لهذا : اللام حرف جر زائد ن وهذا اسم إشارة منادى مبني على السكون
في محل نصب . وبهذا نكون قد أخرجنا الجار والمجرور من التعلق ، لأن اللام زائدة .
ثالثا ـ المستغاث له :
هو من يستغيث من أجل تخليصه من الشدة ، ودفعها عنه ، ويجر بلام مكسورة .
نحو : يا
للناس للفقير ، ويا للشباب للوطن .
فـ "
للفقير " هو ما يعرف بالمستغاث له ، ويعرب جارا ومجرورا .
ملاحظة
1 ـ ذكرنا
سابقا أن لام المستغاث له يجب بناؤها على الكسر ، كذلك يجب بناؤها على الفتح إذا
كان المستغاث له ضميرا غير ياء المتكلم .
نحو : يا
للمعين لنا .
يا للمعين
: يا حرف نداء ، للمعين اللام حرف جر ، ومعين اسم مجرور في محل نصب منادى ، والجار
والمجرور متعلقان بـ " يا " .
لنا :
اللام حرف جر مبني على الفتح ، و " النا " ضمير متصل مبني على السكون في
محل جر ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء ، أو الفعل المحذوف .
2 ـ إذا
كان الاسم الواقع بعد المستغاث غير مستغاث له ، بل مستغاث عليه ، أي يطلب الانتصار
عليه ، وليس له ، حذفنا اللام ، وجررنا بحرف الجر " من " .
نحو : يا
لله من الكاذب .
يا للرجال ذوي الألباب من نفر لا يبرح الشرف الردى
لهم دينا
يا لله :
يا حرف نداء ، لله اللام حرف جر ، ولفظ الجلالة اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة ،
وهو في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء .
من الكاذب
: من حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، الكاذب اسم مجرور بمن وعلامة
جره الكسرة ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء .
3 ـ لقد مر
معنا أن لام المستغاث في الأغلب الأعم واجبة الفتح ، ولام المستغاث له واجبة الكسر
، والغرض من ذلك هو التفريق بين اللامين ، لأن اللام الأولى واقعة في غير موضعها ،
لأن المنادى لا يحتاج إلى لام للدخول عليه ، ولورود اللام في غير موضعها كانت أولى
بالتغيير ، لهذا فتحت بدلا من الكسر الذي هو أصل حركتها ، وعلى العكس من ذلك ،
فاللام الواقعة في أول المستغاث لام واقع في مكانها ، وجارية على الأصل في
استعمالها فبقيت لها حركتها الأصلية وهي الكسر .
4 ـ يجوز
في تابع المستغاث المعرب وجهان :
أ ـ مراعاة
المحل ، وبذلك جواز نصب التابع .
نحو : يا
لأبطالِ العربِ الشجعانَ للأوطان .
يا لأبطال
: يا حرف نداء مبني على السكون ، لأبطال اللام حرف جر مبني على الفتح ، وأبطال
منادى منصوب بالفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الكسرة الناتجة عن
حرف
الجر ،
والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء ، وأبطال مضاف ، والعرب مضاف إليه مجرور
بالكسرة .
الشجعان :
صفة لأبطال منصوب على المحل بالفتحة الظاهرة .
ب ـ مراعاة
اللفظ ، وبذلك جواز الجر .
نحو : يا
لأبطالَ العربِ الشجعانِ للأوطان .
فـ "
الشجعان " صفة لأبطال مجرور على اللفظ ، وعلامة جرها الكسرة الظاهرة .
5 ـ أما
تابع المستغاث المبني في الأصل ، فيعرب تابعا على اللفظ ، أي يجب فيه الجر . نحو :
يا لَهذا المؤمنِ للمظلوم .
يا لهذا :
يا حرف نداء ، لهذا اللام حرف جر مبني على الفتح ، وهذا اسم إشارة مبني على السكون
مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بعلامة البناء الأصلي في محل
نصب منادى .
المؤمن :
بدل من اسم الإشارة مجرور على اللفظ .
6 ـ إذا
كان السم الواقع بعد اللام غير عاقل فلا يصح أن يكون مستغاثا به ، لذلك جاز فتح
اللام وكسرها .
نحو : يا
لَلعار ، ويا لِلعجب .
فإذا
اعتبرنا اللام مفتوحة كما في المثال الأول كان الاسم مستغاثا به ، أي مجرورا
باللام في محل نصب منادى ، والتقدير : يا عار احضر فهذا أوانك .
أما إذا
اعتبرنا اللام مكسورة كما في المثال الثاني ، كان الاسم مستغاثا له ، أي : مجرورا
باللام فقط ، ويكون معناه : يا لقومي للعار .
ثانيا ـ الندبة
تعرفها : هي نداء المتفجع عليه ، أو المتوجع من .
مثال المتفجع عليه : وا محمدُ ، وا عليُّ .
حملت أمرا عظيما فاصطبرت به وقمت فيه بأمر الله يا عمرا
وا : حرف
نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
محمد :
منادى مندوب مبني على الضم في محل نصب .
ومثال
المتوجع منه : وا مصيبتاه ، وا حسرتاه .
فوا كبداه من حب من لا يحبني ومن عبرات ما لهن فناء
وا حر قلباه ممن قلبه شَبِمُ ومن بسمي وحالي عنده سقم
وا مصيبتاه
: وا حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب ,
مصيبتاه :
مصيبتا منادى مندوب مبني على الضم المقدر منع من ظهوره الفتحة المناسبة الألف في
محل نصب ، والهاء هاء السكت حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
حروف النداء المستعملة للندبة :
لا يستعمل من حروف النداء للندبة سوى حرفي النداء "
وا " ، و " يا " .
أما الأول فيستعمل بدون شروط .
والثاني يجب ألا يكون هناك لبس عند استعماله ، بيت جرير السابق الذي يرثي فيه عمر بن عبد
العزيز .
ملاحظة
1 ـ
المندوب حكمه حكم المنادى من حيث الإعراب .
ينصب إذا
كان مضافا ، أو شبيها بالمضاف ، أو نكرة غير مقصودة .
ويبنى على
الضم إذا كان علما مفردا ، ويبنى على ما يرفع به إذا كان نكرة مقصودة ، أو
علما
مثنى ، أو
مجموعا جمع مذكر سالما .
2 ـ الغالب في المندوب زيادة ألف في آخره مفتوح ما قبلها
، كما يزاد هليها هاء عند الوقف كما مثلنا سابقا ، : وا سيداه ، وا
رأساه ، وا حسرتاه .
كما أن
الألف المذكورة قد تزاد على المضاف إلى المندوب .
نحو : وا
حر قلباه ، وا عبد المجيداه .
وا : حرف
نداء وندبة مبني على السكون .
عبد
المجيداه : منادى مندوب منصوب الفتحة ، وهو مضاف ، والمجيد مضاف إليه مجرور
بالكسرة المقدرة منع من ظهورها حركة المنسبة على الألف ، والألف حرف زائد مبني على
السكون لا محل له من الإعراب ، والهاء للسكت حرف مبني على السكون لا محل له من
الإعراب .
ومن شروط زيادة ألف المندوب ألاّ تؤدي إلى لبس ، فإذا أدت إلى إليه لزم
الأتيان بحرف مد آخر . نحو : وا أخاكِ .
وهذا تفجع
على " أخ " مضاف إلى ضمير المخاطبة ، فإذا زدنا الألف قلنا :
وا أخاكا .
فالتبس الأمر بـ " أخ " المضاف إلى ضمير المخاطب ، لذلك وجب القول
: وا أخاكي .
وا : حرف
نداء وندبة مبني على السكون .
أخاكي :
منادى مندوب منصوب الألف ، لأنه من الأسماء الستة ، وأخا مضاف ، والكاف ضمير متصل
مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه ، والياء حرف زائد مبني على السكون لا محل له
من الإعراب .
3 ـ إذا
كان المندوب مضافا إلى ياء المتكلم الساكنة ، جاز حذفها ، وجيء ألف الندبة مفتوحا
ما
قبلها .
نحو : وا
غلامي . تقول : وا غلاما .
وا : حرف
نداء وندبة مبني على السكون .
غلاما :
منادى منصوب بالفتحة المقدرة منع من ظهورها حركة المناسبة للألف ، والألف حرف زائد
مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وغلام مضاف ، والياء المحذوفة في محل جر
مضاف إليه .
كما يجوز فتح " ياء " المتكلم ، وزيادة ألف الندبة بعدها مع " هاء
" السكت ، أو بدونها .
نحو :
واغلامياه ، أو وا غلاميا .
ويجوز
إبقاء " الياء " دون حذف ، أو تغيير .
نحو : وا
غلامي ، وا حسرتي .
4 ـ أما
إذا كان المندوب المضاف إلى ياء المتكلم منتهيا بألف مثل : موسى ، ومصطفي ، وليلى
وجب إبقاء الياء مع بنائها على الفتح .
نحو : وا
موسايَ ، وا مصطفايَ ، وا ليلايَ .
كما يجوز إلحاق ألف الندبة ، وها السكت .
نحو : وا
موساياه ، وامصطفاياه ، وا ليلاياه .
5 ـ فإذا كان المندوب المنتهي بألف غير مضاف إلى ياء
المتكلم ، وأريد زيادة ألف الندبة وجب حذف ألفه الأصلية .
نحو : وا
موساه ، وا مصطفاه ، وا ليلاه .
وا موساه :
وا حرف نداء وندبة ، موسى منادى مندوب مبني على الضم المقدر منع من ظهوره التعذر
على الألف المحذوفة ، والألف الموجودة حرف زائد مبني على السكون لا محل له من
الإعراب ، والهاء للسكت حرف مبني على السكون .
نحو : وا غلاميا
التمييز
تعريفه :
اسم نكرة فضلة جامد بمعنى
" من " يذكر لبيان ما قبله من اسم أو جملة ، أو ما يعرف "
بالذات أو النسبة " .
مثال ما
يبين الاسم " الذات " : اشتريت إردبا قمحاً ، وعندي خمسة عشر كتابا ،
: { تمتعوا
في داركم ثلاثة أيام }1 .
ومثال ما يبين
الجملة " النسبة " : محمد أكبر مني سناً ، وطاب الفائز نفساً ،
: { وكانوا
أشد منهم قوةً }2 .
"
فقمحا ، وكتابا ، وأيام ، وسنا ، ونفسا ، وقوة " كل منها جاء تمييزا ، أزال
غموض الاسم الذي سبقه ، وبين المراد منه .
ويسمى
الاسم الذي ورد لبيان ما قبله وأزال غموضه ، تمييزا ، أو مميِّزا ، أو تفسيرا أو
مفسِّرا ، ويسمى الاسم الذي زال غموضه ، مميَّزا ، أو مفسَّرا .
أنواعه :
ينقسم التمييز عامة إلى قسمين : 1 ـ تمييز نسبة .2 ـ
تمييز ذات .
أولا ـ تمييز نسبة ، أو جملة ، ويسمى ملحوظا :
وهو الاسم
الذي يذكر لبيان الجملة المبهمة ، أو ما يعرف بالنسبة ،
نحو : فاض
الكوب ماءً ، وزرعنا الأرض ذرةً .
وينقسم
تمييز النسبة " الملحوظ " إلى قسمين :
* تمييز ملحوظ منقول أو محوَّل : وهو كل تمييز ملحوظ جاء
منقولا عن الآتي :
ـــــــــــــ
1 ـ الفاعل
، نحو : طاب الرجل نفساً ،
{ واشتعل
الرأس شيباً }1،
و: { فإن
طبن لكم عن شيء منه نفساً }2 .
تقدير
الكلام في الأمثلة السابقة : طابت نفس الرجل ، وقس عليه .
2 ـ
المفعول به ، نحو : رفعت الطالب منزلهً ، وجنينا الأرض قطناً ،
138 ـ { وفجرنا الأرض عيوناً }3 .
والتقدير :
رفعتُ منزلةَ الطالب ، وقس عليه .
3 ـ
المبتدأ ، نحو : أخوك أحسن منك خلقاً ، ومحمد أغزر منك علماً ،
{ الله
أسرع مكراً }4 .
والتقدير :
خلق أخوك أحسن من خلقك ، وقس عليه .
حكم هذا
النوع من التمييز : واجب النصب .
* تمييز
ملحوظ غير منقول أو محول : أي أنه غير منقول عن فاعل ، أو مفعول ،
أو مبتدأ ،
بل هو كلمة جديدة تضاف إلى الجملة لكشف جهة غامضة في نسبة التعجب إلى المتعجب منه
، نحو : لله دره فارساً ، أو لله دره من فارس ،
ونحو :
أكْرِم بمحمد عالماً ، وأكرم بمحمد من عالم ،
ونحو :
وحسبك به ناصراً ، وحسبك به من ناصر ،
ونحو :
وعظمت بطلاً ، وعظمت من بطل .
وهذا النوع من التمييز يجوز فيه النصب ، والجر كما هو واضح من الأمثلة
السابقة ،
ومرد جواز النصب أو الجر ليزول اللبس فيه بين التمييز والحال ، فدخول " من
" في مثل قولهم " لله دره من فارس " ، خلص الكلمة للتمييز ،
وأبعدها عن شبهة الحال ، فإذا قلنا : أكرم به فارسا ، جاز في كلمة " فارس
" النصب على التمييز ، أو الحال .
: { ثم
يخرجكم طفلاً }1 .
فقد أعرب بعض النحاة" طفلا " حالا ، وحسنوا ذلك ، وعليه قال ابن السراج
: إن التمييز إذا لم يسم عددا معلوما : كالعشرين والثلاثين جاز تبيينه بالواحد
للدلالة على الجنس ، وبالجمع إذا وقع الإلباس (2) .
تعليقات
إرسال تعليق