ما يعمل عمل ليس من الحروف
أولا : ما النافية .
تنقسم
" ما " النافية إلى قسمين : ـ
1
ـ ما النافية التي لا عمل لها ، ودخولها على الجملة لا يؤثر فيها ، وتعرف
بالتميمية ، وسبب عدم عملها ؛ أنها أهملت إهمال ليس عند الكوفيين ، ولا يختص
دخولها على الأسماء ، وإنما تدخل على الأسماء والأفعال على حد سواء ، لذلك أهملها
التميميون .
مثال
دخولها على الأسماء : ما أخوك قائم ، وما عمرو مسافر .
فأخوك
مبتدأ ، وقائم خبره .
ولم
يرد ذكرها في القرآن الكريم مع الأسماء . وقد كثر ذكرها مع الأفعال الماضية
والمضارعة .
مثال
دخولها على الأفعال الماضية ، 67 ـ { فما
ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين }. و { ما اتبعوا قبلتك } .
و
{ وما كان من المشركين } .
ومثال
دخولها على الأفعال المضارعة { وما يعلمنا
من أحد } .
و
{ ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج } .
و
{ ما يأكلون في بطونهم إلا النار } .
2 ـ ما النافية العاملة ، والتي يختص دخولها
بالأسماء ، وتعمل عمل ليس ؛ لأنها
تشبهها
في نفي الحال عند الجمهور وتعرف بالحجازية .
68
ـ نحو { ما هذا بشر }. و { ما هن أمهاتهم }
.
شروط عملها :
تعمل
ما النافية بشروط هي : ـ
1 ـ ألا يتقدم خبرها على اسمها . إذ لا يصح
أن نقول : ما مسافرا محمد .
2
ـ ألا يتقدم معمول خبرها على اسمها . فلا يصح أن نقول : ما عمله محمد مشكورا ، وما
يوم الجمعة محمد قادما ، وما عند السفر عليّ منتظرا .
3
ـ الا تقترن بـ " إن " الزائدة . فلا يجوز أن نقول : ما إن محمد مسافرا
.
4
ـ ألا ينتقض النفي بإلا ، فإذا انتقض بطل عمل " ما " .
نحو
{ وما محمد إلا رسول } .
و
{ ما أنتم إلا بشر مثلنا } . فـ " محمد " مبتدأ ، و " رسول "
خبر .
5
ـ ألا تتكرر . ومن الأمثلة التي استوفت فيها " ما " الشروط السابقة
قولهم :
ما
رجلٌ أكرمَ من حاتم ، وما محمد أشجعَ من علي .
ومنه
{ ما منكم من أحد عنا حاجزين } .
ما الحسن في وجه الفتى شرفا له إذا لم يكن في فعله
والخلائق
أبناؤها متكنفون أباهم حنقوا الصدور وما هم
أولادها
الشاهد
في الآية { من أحد عنه حاجزين } من : حرف
جر زائد ، وأحد : اسم ما في محل رفع ، وحاجزين : خبرها منصوب .
والشاهد في
البيتين : " ما الحسن شرفا " ، و " وما هم أولادها " . فـ
" الحسن " في الشاهد
الأول ،
والضمير المنفصل " هم " في الشاهد الثاني كل منهما وقع اسما لما النافية
العاملة مرفوعا
بها ،
و" شرفا " ، و " أولادها " خبراها منصوبان بها .
تنبيهات وفوائد
:
1 ـ يكثر اتصال خبر " ما " النافية العاملة
عمل ليس بالباء الزائدة .
69 ـ ك {
وما ربك بظلام للعبيد }1. و { وما هم بمؤمنين } .
و { وما صاحبكم
بمجنون } .
قول:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبح وما الإصباح منك
بأمثلِ
الشاهد في
البيت " بأمثل " فالباء زائدة ، وأمثل خبر ما مجرور لفظا منصوب محلا
بالفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحرمة حرف الجر الزائد .
2 ـ ذكرنا
سابقا أنه يمتنع تقديم خبر " ما " العاملة على اسمها إذا كان الخبر اسما
ظاهرا ، غير أنه يجوز التقديم إذا كان الخبر شبه جملة .
كقول:
وما لي شيء منكما غير أنني أمني الصدى ظليكما فأطيل
الشاهد :
وما لي شيء ، حيث قدم خبر " ما " النافية العاملة عمل ليس على اسمها
" شيء
" ، وفيه خلاف بين النحاة ، فمنهم من أبطل عملها ، وجعل " لي " في
محل رفع خبر مقدم ، و " شيء " مبتدأ مؤخر .
3 ــ من شروط عمل ما عدم زيادة " إن " بعدها ،
غير أنه يجوز زيادة غيرها من الأحرف كم الجارة . 70 ـ نحو {
فما منكم من أحد عنه حاجزين } .
لا ينسينك الأسى تأسيا فما من حِمام أحدٌ
معتصما
الشاهد في
الآية فما منكم من أحد ، حيث جيء بـ
" من " الجارة بعد " ما " .
والشاهد في
البيت قول الشاعر : ما من حمام ، حيث قدم معمول الخبر " معتصما " وهو
الشبه الجملة الجار والمجرور على اسمها ، وجاءت من الجارة بعد " ما "
العاملة .
4 ـ إذا
وقعت " بل ولكن " بعد " ما " النافية العاملة ، وجب رفع ما
بعدها على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، باعتبار بل ولكن ابتدائيتين ، وليستا عاطفتين ؛
لأن " ما " لا تعمل في الموجب ، وإنما تعمل في المنفي . نحو : ما محمد
مسافرا بل مقيم ،
وما زيد
مهملا لكن مجتهد .
وعلة عدم
إعمالها بعد بل ولكن أن " ما " تقتضي العمل في المنفي ، و " بل
ولكن " في هذه الحالة يقتضيان الإيجاب .
فإذا عطف
على معمولي " ما " بحرف يقتضي النفي ، ولا يقتضي الإيجاب كـ
" الواو " مثلا جاز النصب . نحو : ما سعيد كسولا ولا مهملا .
وجاز الرفع
على أنه خبر لمبتدأ محذوف . نحو : ما سعيد كسولا ولا مهملٌ {1} .
ثانيا ـ " لا " النافية ، وهي إما عاملة ، أو
غير عاملة .
1 ـ "
لا " النافية العاملة عمل ليس ، وتعرف بلا الحجازية أيضا ، وهي لنفي الوحدة ،
وتعمل بالشروط الآتية ، وإن كان عملها عمل " ليس " على قلة .
أ ـ أن
يكون اسمها وخبرها نكرتين . نحو : لا رجل مسافرا .
ب ـ ألا
يتقدم خبرها على اسمها . فلا يجوز أن نقول : لا رجلا مسافر .
ج ـ ألا
يتقدم معمول خبرها على اسمها إلا إذا كان شبه جملة .
نحو : لا
في الدار أحد موجودا .
د ـ ألا
يكون خبرها محصورا بإلا ، فلا تقول : لا طالب إلا متفوقا .
هـ ـ ألا
تتكرر ، لأن نفي النفي إثبات ، وهي لا تعما إلا في النفي .
ومما سبق
نجد أن الشروط المتوفرة في عمل " ما " هي نفس الشروط المطلوبة في عمل
" لا " ،
ما عدا شرط
عدم زيادة " إن " فإنها لا تزاد بعد " لا " أصلا .
ومن
الأمثلة التي استوفيت فيها الشروط قولنا : لا رجلٌ أفضلَ من رجل .
36 ـ ومنه
قول الشاعر* :
تعز فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا
الشاهد :
فلا شيء باقيا . لا : نافية تعمل عمل ليس ، وشيء : اسمها مرفوع ، وباقيا :
خبرها
منصوب .
ومنه قول:
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى فلا الحمد
مكسوبا ولا المال باقيا
ومنه قول
المتنبي :
نصرتك إذ لا صاحبٌ غيرَ
خاذل فبؤت حصنا بالكماة حصينا
37 ـ
والغالب في خبرها الحذف كقول:
من صد عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح
الشاهد :
لا براح ، فلا نافية عاملة عمل ليس ، وبراح اسمها مرفوع ، وخبرها محذوف تقديره :
لا براح لي
.
2 ـ " لا " النافية غير العاملة ، وهي لا تختص
بالدخول على الأسماء ، وإنما تدخل على الأسماء ،والأفعال ، كما هو الحال في " ما " غير
العاملة .
فإذا دخلت
على الأسماء بقيت الجملة بعدها مبتدأ وخبرا .
71 ـ نحو { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون }.
و { لا بيع
فيه ولا خلال }.
و { لا
الشمس ينبغي ان تدرك القمر } .
ويشترط
فيها التكرار إذا وليها نعت . نحو {
زيتونة لا شرقية ولا غربية } .
72 ـ و {
لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث } .
ومثال
دخولها على الأفعال { فلا صدق ولا صلى } .
و{ لا يعزب
عنه مثقال ذرة } .
و { فلا
أقسم بمواقع النجوم } .
فوائد وتنبيهات
1 ـ تعمل
" لا " عمل ليس بقلة وندرة كما ذكرنا آنفا ، ولم يرد عملها في القرآن ،
ولم يسمع إلا في الشعر كم مثلنا سابقا في موضعه .
38 ـ وقد
يكون منه قول الراعي النميري ، ـ والغالب ألا يكون ـ وسنوضحه في الإعراب :
وما صرمتك حتى قلت معلنة لا ناقة لي في هذا ولا جمل
وذلك إذا
جعلنا " ناقة " اسما لـ " لا " ، و " لي " متعلقان
بمحذوف في محل نصب خبر لها .
أما { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون }.
فالاختيار
عند النحويين الرفع والتنوين على الابتداء {2} .
و "
عليهم " متعلق بمحذوف في محل رفع خبر المبتدأ " خوف " ، و "
لا " لا عمل لها ، وعلتهم في ذلك ولا
هم يحزنون ، أن ما بعد " لا " معرفة ،
و "
لا " لا تعمل إلا في النكرة ، فحملوا الأول على الثاني .
أي حملوا لا خوف عليهم ، على ولا هم يحزنون .
وبعضهم
أجاز أن تكون " لا " عاملة عمل ليس ، وجعل " خوف " اسمها وشبه
الجملة في محل نصب خبرها ، وعلة من أجاز ذلك أنه لا يشترط في عملها أن يكون اسمها
وخبره نكرتين ، فقد ذكر ابن جني أنه لا يشترط في عملها هذا الشرط . فقد يأتي
اسمها معرفة ، وخبرها نكرة ، واستشهد على ذلك بقول النابغة الجعدي :
وحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ولا عن حبها متراخيا
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى فلا الحمد مكسوبا ولا المال
باقيا
وعلى ذلك
حملت الآية السابقة : ولا هم يحزنون .
والشاهد في
بيتي الجعدى والمتنبي : ولا أنا باغيا ، و : فلا الحمد مكسوبا .
حيث عملت
" لا " عمل ليس ، واسمها ضمير ، والضمير أعرف المعارف ، وكذلك كلمة
" الحمد " فهي معرفة بأل . و" باغيا ومكسوبا " خبران لها منصوبان
.
وقد يرجع
السبب في ندرة عمل " لا " عمل " ليس " بأن شبه " لا
" بليس ضعيف ؛ لأن " لا " للنفي مطلقا ، و " ليس " لنفي
الحال ليس غير .
2 ـ يجوز في " لا " التي لنفي الوحدة أن تكون
لنفي الجنس إذا أريد بها نفي الجميع نفيا عاما ، ولا يستثنى من أفراد جنسها أحد .
ونفرق بين
النوعين من " لا " بالقرينة الدالة على إحداها .
فإذ قلنا
لا رجلٌ مسافراً . برفع المبتدأ ، ونصب الخبر كانت " لا " لنفي الوحدة ،
والتفي في هذه الحالة ليس عاما ، فهو لم يستغرق جميع أفراد جنسها ، بل يكون واحدا
أو أكثر ، وكأننا قلنا : ليس رجلٌ مسافراً ، بل رجلان أم ثلاثة .
وإذا قلنا
: لا رجلَ مسافرٌ ولا امرأةً . بنصب المبتدأ ورفع الخبر كان النفي مستغرقا جميع
أفراد الجنس المنفي ، وفي هذه الحالة يكون التركيب خاطئا . إذ لا يصح أن نقول : لا
رجلَ مسافر ولا امرأة ، بل رجلان ؛ لأن المنفي وقع على الجميع ، فلا يستثني منهم
أحد .
وقد قرئ { لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة }.
بالرفع
والنصب على الحالتين باعتبار أن " لا " تكون لنفي الوحدة ، وتكون لنفي
الجنس إذا وجدت القرينة .
3 ــ ويجوز
في " لا " النافية للوحدة أن تهمل وما بعدها يعرب مبتدأ وخبرا ، وفي هذه
الحالة يستوجب فيها التكرار .
نحو { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } .
و { لا
فيها غول ولا هم عنها ينزفون }.
4 ـ لا
يتغير عمل " لا " التي للوحدة إذا دخل عليها همزة الاستفهام .
نقول : ألا
رجل محسنا إلى للفقير ، ألا طالب فائزا في المسابقة .
5 ـ يجوز
اتصال خبرها بـ " الباء " الزائدة كقول سودة بن قارب :
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة بمغن فتيلا عن سواد
بن قارب
الشاهد :
بمغن ، فقد زيد الباء قبل خبر لا .
6 ـ ينبغي
أن نلاحظ أن معظم الشواهد التي عملت فيها " لا " عمل " ليس "
افتقد فيها شرط التكرار كما هو الحال في الأبيات رقم : أ ، ب ، ج ، د .
ثالثا ـ لات .
هي " لا " النافية زيدت عليها تاء لتأنيث اللفظ ، الغرض من زيادتها
المبالغة .
وتعمل
" لا " عمل " ليس " في بعض المواضع ، ولم تتمكن تمكنها ، ولم
تستعمل إلا ومضمر فيها ؛ لأنها كـ " ليس " في المخاطبة ، والإخبار عن
الغائب .
ويشترط في
عملها الشروط الآتية : ـ
1 ـ أن
يكون اسمها وخبرها بلفظ " الحين " .
2 ـ أن
يحذف اسمها ، أو خبرها ، والغالب حذف اسمها .
73 ـ نحو { ولات حين مناص } .
والتقير :
ولات الحينُ حينَ مناص . أي : ليس الحين حين مهرب .
39 ـ ومنه
قول قول الشاعر* :
ندم الغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
الشاهد :
ولات ساعة . فقد عملت ساعة في الخبر ؛ لأنه ظرف زمان ، ولكنه ليس بلفظ الحين .
* لرجل من
طي ، ويقال لمحمد بن عيسى بن طلحة ، أو مهلل بن مالك الكناني .
ومنه قول
الأعشى :
لات هنَّا ذكرى جبيرة أو من جاء منها بطائف الأهوال
الشاهد :
لات هنَّا . وهنَّا ظرف زمان بمعنى " الحين " ، وقد عملت فيه لات النصب
خبرا لها .
تنبيهات وفوائد
1 ـ لقد
وردي بعض ألفاظ الزمان غير لفظة " حين " بعد " لا " ، ولكنها
جاءت مجرورة ، وهذا شاذ في كلام العرب ، لأن ما عليه جمهور النحاة أن تعمل لات عمل
ليس فترفع الاسم ، وهو في الغالب ما يكون محذوفا ، وتنصب الخبر ويكون أيضا من
ألفاظ الزمان . فما سمع عنهم مجرورا من ألفاظ الزمان بعد " لا " كان
الجر بحرف الجر " من " المضمر ، وقد أشار إلى ذلك أبو حيان {1} .
وقال البعض
إن الجر بـ " لات " لغة من لغات الغرب ، وإن كان ذلك لم يذكره النحاة
كما ذكروا الحروف التي جر بها العرب لغة ، وهي : لعل ، ومتى ، ولولا وغيرها .
ومن
الشواهد على مجيء اسم الزمان مجرورا بعد لات ، 40 ـ قول المنذر بن حرملة * :
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء
الشاهد :
ولات أوان . بجر أوان وتنوينها ، أي : ليس الجر جر بناء .
فإذا كان
الكسر كسر بناء فلا شاهد في البيت .
ومنه ـ
ولكن ليس بلفظ الزمان ـ قول المتنبي :
لقد تصبرت حتى لات مصطبرٍ ولآن أقحم
حتى لات مقتحمِ
الشاهد :
لات مصطبرٍ ، ولات مقتحمِ . حيث جر الشاعر اللفظين بعد لات .
والجر كما
ذكرنا : إما على إضمار حرف الجر " من " ، وهو الوحه الحسن ، أو على لغة
بعض القبائل .
2 ـ وإذا
دخلت " لات " في بعض الأحايين على ألفاظ غير زمانية أهمل عملها ، ورفعت
تلك الألفاظ إما على الابتداء ، أو الفاعلية .
كقول شمردل
الليثي :
لهفي عليك للهفة من خائف يبغي جَوَارك حين لات مجيرُ
الشاهد :
لات مجير . برفع مجير ؛ لأنها لفظة غير زمانية جاءت بعد لات ، مما أبطل عملها ورفع
ما بعدها على الوجهين اللذين ثم ذكرهما .
والتقدير :
لات له مجير ، أو لات يحصل مجير .
3 ــ لقد
التزم النحاة حذف اسم لات ؛ لأن التاء فيها صارت كالفاصل بينها وبين جملتها ، فلم
تقو على العمل في معمولين ، ومن ثم أوجبوا أن يكون معمولها بلفظ واحد هو "
لفظ الزمان " ليدل بالثابت منها على المحذوف {1} .
4 ـ يرى
بعض النحاة إهمال لات مطلقا ، وإذا وجد الاسم بعدها منصوبا فهو مفعول به لفعل
محذوف تقديره : لات أرى حين مناص ، وإذا وجد مرفوعا فهو مبتدا وخبره محذوف ،
والتقدير : لات حينُ مناص كائن لهم . والله أعلم .
رابعا ـ إن :
حرف نفي
يعمل عمل ليس بقلة وندرة ، ولا يشترط في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين . نحو : إن
معلمٌ حاضراً .
بل جاز في
اسمها التعريف ، وفي خبرها التنكير . نحو : أن محمدٌ قائماً .
وتعمل
" إن " بشرط حفظ النفي والترتيب ، 74 ـ نحو : إن أحدٌ خيراً من أحد .
ــــــــــــــــــــــــ
وحفظ النفي
لا يكون إلا بعدم انتقاض خبرها بإلا ، فإن انتقض أهملت .
75 ـ نحو { إن هذا إلا ملك كريم }.
و { إن هذا
إلا أساطير الأولين } .
وأما حفظ
الترتيب ألا تقدم خبرها ، أو معموله على اسمها . فلا يصح أن نقول : إن موجودا أخوك
، ولا : إن عمله خالد مشكورا .
فوائد وتنبيهات
1 ـ ذكر
النحويون أن " إن " تعمل عمل ليس بقلة وندرة ، بل أن جمهور النحاة على
عدم إعمالها إلا القليل منهم ، وهي بذلك تكون للنفي فقط ، وتدخل على الجمل الاسمية
، والفعلية مثلها مثل " ما " الميمية .
نحو : إن
محمد ٌ مجتهدٌ . برفع المبتدأ ، والخبر .
ومنه { إن أنت إلا نذير } .
و { إن نحن
إلا بشر مثلكم } .
و { إن في صدورهم
إلا كبر } .
والموجب
لإبطال عملها في هذه الآيات ، وما شابهها هو انتقاض نفيها بإلا .
ومثال
دخولها على الجمل الفعلية ، 76 ـ { إن
أردنا إلا الحسنى } .
و { إن يقولون
إلا كذبا } .
2 ـ وكما
ينتقض نفي " إن " النافية غير العاملة بحصر خبرها بـ " إلا
"ينتقض أيضا بـ " لمَّا " المشددة . نحو { وإن كل نفس لمَّا عليها حافظ } .
و { وإن كل
لمَّا جميع لدينا محضرون } .
غير أنه
ورد النفي بها مع إهمالها دون نقض الخبر بـ " إلا " ، أو " لمَّا .
نحو إن عندكم من سلطان }.
و { وإن
أدري أقريب أم بعيد } .
فـ "
إن " في الآيتين غير عاملة مع أنها دخلت في الآية الأولى على
الجملة الاسمية .
تعليقات
إرسال تعليق